الاتحاد الإفريقي يستنكر استهداف المواطنين الأفارقة في تونس
أصدر موسى فقي محمد رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، بيان أمس استنكر فيه بشدة البيان الصادم الصادر عن السلطات التونسية والذي يستهدف مواطنين أفارقة يتعارض مع روح ونص منظمة الاتحاد الإفريقي ومبادئها التأسيسية.
واستقبل موسى فقي، نيابة عن رئيس المفوضية، نائب رئيس المفوضية الدكتورة "مونيك نسانسابغانوا" ومفوض الإتحاد الإفريقي للصحة والشؤون الإنسانية والتنمية الإجتماعية السفيرة "ميناتا سامات" الممثل الدائم لتونس المُعتمد لدى الإتحاد الإفريقي لإجراء مُشاورات عاجلة لتسجيل صدمة الإتحاد الإفريقي العميقة والقلق بشأن شكل ومضمون البيان الذي يستهدف المواطنين الأفارقة، بغض النظر في وضعهم القانوني بالبلاد.
وذكر رئيس المفوضية، جميع البلدان، ولا سيما الدول الأعضاء في الإتحاد الإفريقي، بالوفاء بإلتزاماتها بموجب القانون الدولي وصكوك الإتحاد الإفريقي ذات الصلة لمعاملة جميع المهاجرين بكرامة، أينما جاؤوا، والإمتناع عن خطاب الكراهية العنصري الذي قد يتسبب في إيذاء الناس، وإعطاء الأولوية لسلامتهم بحقوق الإنسان.
وكرر رئيس المفوضية، إلتزام المفوضية بدعم السلطات في تونس في مواجهة تحديات الهجرة من أجل جعل الهجرة آمنة وكريمة ونظامية.
وكانت السفيرة د. نميرة نجم مديرة المرصد الإفريقي، قد أشارت في حديث لقناة "فرنسا ٢٤ " أول أمس، إلى أن تصريحات الرئيس التونسي قيس سعيد عن المهاجرين، الأخيرة الغير نظامين لبلاده أثارت كثير من القلق، ويجب أن ينظر فيها بإعتبار أن الرئيس التونسي لديه أعداداً من المهاجرين غير النظامين قد تغفل عنا، فالسلطات التونسية يوم ١٩ فبراير الماضي أنقذت ٤٢٣ مهاجر غير شرعي من الغرق في البحر المتوسط قُبيل السواحل التونسية، وأن هذه الأرقام لو تمت يومياً فهي مُقلقة لدولة بحجم الدولة التونسية، مع الإشكاليات الخاصة بظروفها الإقتصادية التي لازالت لديها، حيث أن هناك مشاكل حقيقية تتحملها تبعتها دول شمال إفريقيا، فعندما يتم التصدي أمنياً للمهاجرين، قد يحدثً خسائر بشرية، بجانب أن هناك ضغوط علي هذه الدول في قبول مواطنين أخرين من خارج دولتهم، وبالنسبًة لتونس فلديها إتفاقات ثنائية مع دول في الإتحاد الأوروبي خاصة إيطاليا التي تعيد المواطنين التونسيين الذين يهجرون بشكل غير نظامي لإيطاليا إلى تونس مجدداً، لكن يصعب أن نفرض علي تونس عودة مهاجرين غير شرعيين وصولوا لدول الشمال الأوروبي عودتهم إلى تونس، ويطلب من الدولة التونسية توطنيهم في تونس، وهذا ما يكون ما قد تحدثً عنه الرئيسي التونسي، ولكن التعبير لم يفهم بالشكل المطلوب، جاء ذلك في مقابلة السفيرة نميرة نجم، في ببرنامج "حوار " مساء أمس.
وعن إنتشار الخطاب العنصري ضد المهاجرين الأفارقة في أكثر من بلد، قالت السفيرة نميرة نجم، إنه أمر جاد وخطير فيما يتعلق بالعنصرية وإزيادها ضد المهاجرين الأفارقة العُزّلْ الذين لم يتسببوا في الأزمة الراهنة ولكن تحلموا تبعاتها، وعلي الدول إيجاد حلول جذرية في ضوء تزايد عدد المهاجرين غير الشرعيين من إفريقيا.
ودعت مدير المرصد الأفريقي للهجرة، إلي إنشاء نوع من التعاون القاري بين القارات في إطار وكالة جديدة بين قارتي إفريقيا و أوروبا لإيجاد حل جدري لهذه المشكلةً وحماية المهاجرين غير النظاميين.
وقد رفض الرئيس التونسي قيس سعيّد، يوم الخميس الماضي، إنتقادات جماعات حقوق الإنسان له بشأن تصريحاته المُتعلقة بالهجرة وإتهامه بـ"العنصرية"، مُشيراً إلى أن بعض المُهاجرين غير الشرعيين أنشأوا محاكم خاصة بهم، وطمأن الرئيس الأفارقة المقيمين بشكل قانوني، قائلاً: إنه لن يسمح بأن يتعرض لهم أحد بسوء، وشدد على أنه لن يُقبل بأي شخص يقيم بشكل غير قانوني في تونس، مُشدداً، على وجوب إتخاذ "إجراءات عاجلة" لوقف تدفق "جحافل المُهاجرين غير النظاميين"، وما يؤدّي إليه هذا الوضع من "عنف وجرائم وممارسات غير مقبولة، فضلاً عن أنها مجرمة قانوناً"، مُؤكداً، أن من إتهموه بالعنصرية "يبحثون عن الفرقة والفتنة والمساس بعلاقاتنا بأشقائنا الأفارقة".
وكانت منظمات حقوقية التونسية، قد نددت يوم الأربعاء الماضي، بخطاب أدلى به الرئيس التونسي يوم الثلاثاء، دعا فيه لوقف تدفق المهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، مُعتبرة أن كلامه "عنصري".
وكان الرئيس التونسي قيس سعيد، قد طالب يوم الثلاثاء، بضرورة وضع حد سريع لتدفق أعداد كبيرة من المهاجرين غير النظاميين من إفريقيا جنوب الصحراء على بلده، واصفاً الظاهرة بأنها مؤامرة "لتغيير التركيبة الديموغرافية" في البلاد.
وقال سعيد، خلال إجتماع لمجلس الأمن القومي خُصص لمناقشة هذه القضية "الهدف غير المُعلن للموجات المُتلاحقة من الهجرة غير الشرعية هو إعتبار تونس دولة إفريقية فقط لا إنتماء لها للأمتين العربية والإسلامية".
وأضاف أن تدفق "جحافل المهاجرين غير النظاميين" يؤدّي إلى "عنف وجرائم وممارسات غير مقبولة فضلاً عن أنه مجرم قانوناً".
وأشار إلى "مخطط إجرامي تم إعداده منذ مطلع هذا القرن لتغيير التركيبة الديموغرافية لتونس" داعياً إلى "العمل على كل الأصعدة الدبلوماسية والأمنية والعسكرية والتطبيق الصارم للقانون المتعلق بوضعية الأجانب في تونس ولإجتياز الحدود خلسة".
وجاءت تصريحات سعيد، بعد أيام قليلة على تنديد أكثر من 20 منظمة حقوقية تونسية بما وصفته "خطاب كراهية" تجاه المُهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء.
وقال سفير تونس في الكونجو عادل بوزكري الرميلي، لقناة "سي إم بي دي جي" الكونغولية، "لا أفهم الهجمات ضد تونس على مواقع التواصل (بعد الخطاب الأخير للرئيس قيس سعيد)، يجب على أي بلد حماية مواطنيه، ونحن لدينا مشكلة مع عدد كبير من المهاجرين الذين يصلون إلى تونس وينشرون الرعب في البلاد، على سبيل المثال، في مدينة ساحلية مثل صفاقس، نجد أشخاصاً (مهاجرون أفارقة) يحملون المناجل وسط المدينة، ويقومون بقتل وإغتصاب الناس، ومؤخراً قاموا بإغتصاب سيدة أمام أطفالها قبل قتلها".
وتساءل كيف تتوقعون أن يكون رد فعل الحكومة التونسية على هذه الحوادث، وخاصة في ظل التدفق الهائل للمهاجرين غير الشرعيين؟ ولا نتحدث هنا عن إخواننا من جنوب الصحراء الذين يأتون إلى تونس ويقطنون بشكل قانوني، بل ضد الموجودين بشكل غير قانوني والذين ينشرون الرعب في البلاد".
وكانت السلطات التونسية، قد إعتقلت أكثر من ٣٠٠ مهاجر من إفريقياً جنوب الصحراء بينهم طلاب جامعيون وأطفال في عدة مدن بين يومي 14 و16 فبراير الجاري، وفي ١٦ فبراير، في الضواحي الغربية للعاصمة التونسية، تم إقتياد العاملين في حضانة أطفال يديرها زوجان من ساحل العاج، إضافة إلى آباء جاؤوا لأخذ أطفالهم، ونقلهم جميعاً إلى مركز الشرطة للتأكد من إمتلاكهم لوثائق إقامة، حسب تأكيد "راديو فرنكفون ليبر" والتي يوجد مقرها في تونس، وعلى الرغم من تسليم بعض الأطفال إلى أقاربهم أو إلى مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين (HCR)، فإن كثير من القُصّرْ نُقِلوا إلي مركز إجتماعي مُخصص للأطفال في الضاحية الغربية بمنوبةً، فنددت أكثر من عشرين منظمة حقوقية تونسي بما وصفته "خطاب كراهية" تجاه المهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء وبعمليات توقيف عشرات منهم من قبل السلطات التونسية، وطالبت بإطلاق سراحهم ووقف عمليات ترحيلهم.
وقالت المنظمات بما فيها المنتدى التونسي للحقوق الإقتصادية والإجتماعية والرابطة التونسية لحقوق الإنسان، في بيان مُشترك، إن القوات الأمنية تُشِنْ حملة ضد المُهاجرين، مُشيرة إلى أنه "تم توقيف أكثر من 300 مهاجر ومهاجرة في مراكز الإيقاف بمن فيهم (عدد) من النساء والأطفال"، مُشددةً على أن هؤلاء أوقفوا "من دون إحترام للإجراءات".
كما نددت المنظمات بـ"إنتهاكات حقوق الإنسان"، التي يتعرض لها المهاجرون من "إعادة قسرية فورية على الحدود تحت تهديد السلاح" ودعت السلطات التونسية إلى التصدي إلى "خطاب الكراهية والتمييز والعنصرية" تجاههم.
وأعلنت حكومة رئيسة الوزراء التونسية، نجلاء بودن في ديسمبر الماضي، "ضرورة الشروع في ترحيل المهاجرين نظراً لوضعيتهم غير القانونية على أن تبدأ الإجراءات في أقرب وقت"، وفقاً لما جاء في بيان لرئاسة الحكومة في ذلك الوقت.
الجدير بالذكر، أنه يتواجد في تونس 21466 مهاجراً بينهم طلبة، وذلك وفقاً لإحصاءات رسمية صادرة في العام 2021، وتستقبل إيطاليا أعداداً كبيرة من المهاجرين القادمين من تونس عبر البحر الأبيض المتوسط، وتفيد الأرقام الرسمية بأن هذا البلد إستقبل أكثر من 32 ألف مهاجر في العام 2022 من بينهم 18 ألف تونسي.