في ذكرى ميلادها الـ٨٠.. لمحات من حياة السندريلا سعاد حسني
تحل اليوم ذكرى ميلاد الفنانة الكبيرة الراحلة سعاد حسني، ولدت سعاد في 26 يناير 1943، في حي بولاق في القاهرة لأب ترجع أصوله إلى الشام، فوالدها هو محمد كمال حسني البابا الخطاط العربي الشهير الذي انتقلَ من سوريا رفقة والده حسني البابا وقد كان مغنيًا معروفًا في دمشق إلى القاهرة في عام 1912 ليعين خطاطًا في المعهد الملكي للخط العربي، ووالدتها جوهرة محمد حسن صَفّور مصريَّة، تنتمي هي الأخرى لعائلة حِمصية .
وكان لها ستة عشر أخًا وأختًا وكان ترتيبها العاشر بين أخواتها، فلها شقيقتان فقط، هما كوثر، وصباح، وثماني إخوة وأخوات لأبيها، منهم أربعة إخوة وأربع أخوات، وست أخوات لأمها، منهم ثلاثة إخوة وثلاث أخوات، ومن أشهر أخواتها من الفنانة الكبيرة نجاة الصغيرة.
وقد انفصل والداها حين كانت في الخامسة من عمرها، واقترنت والدتها بالزوج الثاني عبد المنعم حافظ مفتش التربية والتعليم في القاهرة، وفي حضانتها بناتها الثلاث كوثر وسعاد وصباح، ولم تدخل سعاد مدارس نظامية واقتصر تعليمها على البيت.
يعود الفضل في اكتشاف موهبة سعاد الفنية إلى الشاعر عبد الرحمن الخميسي، فقد أشركها في مسرحيته هاملت لشكسبير في دور أوفيليا، ثم ضمها المخرج هنري بركات إلى طاقم فيلمه حسن ونعيمة في دور نعيمة وأصدر الفيلم في عام 1959.
ثم توالت بعدها أعمالها السينمائية وعمِلَت مع أكبر مخرجي السينما المصرية منهم صلاح أبو سيف، وعز الدين ذو الفقار ، يوسف شاهين، وحسن الإمام، وكمال الشيخ وآخرين.
وشاركت سعاد في أفلامها نجوم السينما المصرية من أكثر من جيل منهم صلاح ذو الفقار، ورشدي أباظة، ونور الشريف، وأحمد زكي.
وتُعد أفلام حسن ونعيمة ، والراعى والنساء، وأين عقلي، وعلي من نطلق الرصاص، وغروب وشروق، وصغيرة على الحب ، والزوجة الثانية ، وشقيقة ومتولى، والكرنك، وأميرة حبي أنا من اشهر أعمالها.
بالإضافة إلى فيلمها خلي بالك من زوزو الذي يعتبره الكثيرون أشهر أفلامها على الإطلاق، حتى وصل الأمر إلى درجة أن الكثيرين أصبحوا يعرفونها باسمها في الفيلم وهو زوزو.
كما أنها شاركت مع المخرج صلاح أبو سيف في فيلم القادسية الذي يصور قصة معركة القادسية بالتفصيل.
وقد وصل رصيد سعاد حسنى السينمائي إلى 91 فيلمًا، منها أربعة أفلام خارج مصر هذا بالإضافة إلي مسلسل هو وهي عام 1985، وثماني مسلسلات إذاعية، وكانت آخر أعمالها عمل إذاعي شعري صوتي باسم عجبي من رباعيات صلاح جاهين سجلته لصالح إذاعة بي بي سي العربية في لندن، بالإضافة إلى تقديمها قصيدة المكنجي لصلاح جاهين كذلك، إبّان إنتفاضة الأقصى دعمًا للشعب الفلسطيني.
تزوجت سعاد خلال حياتها خمس مرات، أحدهما غير مؤكد رسميًّا وهو أوّل زواج لها، حيث تحدث بعض أفراد عائلتها والمقربين منها بأنها تزوجت عرفيًا من عبد الحليم حافظ، وهو زواج أكده بعض الصحفيين المصريين مثل مفيد فوزي الذي يعد من أصدقاء عبد الحليم، قائلًا في إحدى الندوات في الإسكندرية: «إنه يحتفظ بمستندات وشريط كاسيت هام لهذه الواقعة ولكنه لا يريد استغلال مثل هذه القضايا الشخصية».
وقد ظل هذا الزواج غير معترف به من قبل عائلتها إلى ما بعد وفاتها، حتى قالت جانجاه عبد المنعم أختها غير الشقيقة عبر موقع الإنترنت الذي أنشأته حول سعاد أن عائلتها اعترفت أخيرًا بزواج سعاد من عبد الحليم حافظ، وأضافته لقائمة أزواجها ليصبح عدد زيجاتها خمس زيجات ومن المفارقات أن تاريخ وفاتها 21 يونيو 2001 يطابق نفس يوم مولد عبد الحليم حافظ في 21 يونيو 1929، وقد دام زواجهما العرفي قرابة ستة أعوام حيث افترقا عام 1965.
بعد ذلك بعام تزوجت سعاد من المصور والمخرج صلاح كريم لمدة عامين تقريبًا حيث تطلّقا في عام 1968.
ثم اقترنت بـ علي بدرخان ابن المخرج أحمد بدرخان في عام 1970، واستمر زواجها منهُ طيلة أحد عشر عامًا، إلى أن افترقا في عام 1981، ثم في السنة ذاتها، تزوجت زكي فطين عبد الوهاب ابن ليلى مراد وفطين عبد الوهاب وقد كان طالبًا في السنة النهائية بقسم الإخراج في معهد السينما، إلا إنّهما انفصلا بعد عدة أشهر فقط من الزواج بسبب معارضة والدة «زكي».
أما آخر زيجاتها فكانت في عام 1987 من كاتب السيناريو ماهر عواد الذي توفيت وهي على ذمته.
وعلى الرغم من كثرة زيجاتها، إلا إنّها لم تلبس ثوب الزفاف في أي منّها أبدًا، ولم تنجب أي ابن أو بنت لها رغم تعدد مرات حملها من علي بدرخان، حيث كان ينتهي بالإجهاض بسبب الضغط الذي كانت تتعرض له خلال عملها.
خلال تصوير سعاد لمسلسل «هو وهي»، بدأت أعراض وآلام الإصابة في العمود الفقري عندها بالظهور، إذ كانت تعاني من تآكل في الفقرتين (العجز والقطنية)، وإزدادت الآلام أثناء تصويرها فيلم «الدرجة الثالثة» في العام 1987، حيث بدأت معاناتها الحقيقة مع الألم بعدما اصيبت بضغط في الأوعية الدموية وتمزّق في الشرايين جعلها تشعر بآلام لا تطاق في القدمين، ما سبّب لها إصابات وآلامًا كبيرة في الظهر والعمود الفقري.
أثناء فترة الإصابة هذه، عرض عليها المشاركة في فيلمها الأخير «الراعي والنساء» وقامت رغم الأوجاع التي تعتريها بالموافقة على العمل، مما زاد من الضغط عليها، بسبب تفاقم وضعها الصحي، ما اضطرها في عام 1992 إلى أن تسافر في رحلة علاجية إلى فرنسا من أجل إجراء عملية جراحية في عمودها الفقري، إذ قام خلالها الجراح المعالج بتثبيت الفقرتين من خلال صفيحة معدنية، لتعود بعدها بمدة إلى القاهرة لتمارس حياتها العادية والطبيعية، لكن سرعان ما عادت إليها ذات الآلام بقوة أشد من سابقاتها، لتصاب بشلل في الوجه، نتج عن التهاب فيروسي في العصب السابع، ما جعلها تخضع للعلاج بأخذ الكورتيزون، الذي سبب لها زيادة كبيرة في الوزن.
وهو ما أثّر على حالتها النفسية، لكن ما فاقم وضعها الصحي بشكل كبير هو وفاة والدتها، الذي ترك عظيم الأثر على نفسها، ما جعلها تقطع العلاج بالكورتيزون فجأة ودون تمهيد، لتصاب بعد ذلك بنكسة (عودة المرض)، أجبرتها على السفر على حسابها الخاص إلى لندن للعلاج قرار العلاج على نفقة الدولة لم يصدر إلا بعد بدء مراحل العلاج الفعلي بسبع سنوات وسرعان ما تم قطعه وكلها امل في العودة.
حصلت سعاد حسني على العديد من الجوائز السينمائية وكُرِّمت من قبل الرئيس أنور السادات في عام 1979 في احتفالات عيد الفن.
توفيت الفنانة الكبيرة سعاد حسني إثر سقوطها من شرفة شقة في الدور السادس من مبني ستوارت تاور في لندن في 21 يونيو 2001، وقد أثارت حادثة وفاتها جدلًا لم يهدأ حتى الآن، حيث تدور هناك شكوك حول قتلها وليس انتحارها كما أعلنت الشرطة البريطانية.
واهتمت مصر بالوفاة وطلب الرئيس الراحل محمد حسني مبارك آنذاك من سفير مصر في لندن عادل الجزار سرعة انهاء الترتيبات الخاصة بعودتها إلى القاهرة وكان في استقبال الجثمان بمطار القاهرة وفود رسمية من وزارات الثقافة والإعلام والداخلية والخارجية وممثل عن رئيس الجمهورية ومجلس نقابة الممثلين والسينمائيين وأصدقاء وأقاربها.