جائزة بـ24 تريليون دولار.. صراع بين بكين وواشنطن على أرض الكونغو
بينما تكثف واشنطن جهودها لعزل بكين عن أشباه الموصلات المتقدمة، فإنها تعمل أيضا للسيطرة على أهم مصدر في العالم للمعادن المستخدمة في التكنولوجيا، وهي جمهورية الكونغو الديمقراطية.
ينظر لجمهورية الكونغو الديمقراطية على أنها الكنز الحقيقي في عصر السيارات الكهربائية، لأنها تنتج ما يقرب من 70% من الكوبلت العالمي.
والكوبلت هو عنصر أساسي في إنتاج بطاريات أيونات الليثيوم التي تعمل على تشغيل الهواتف وأجهزة الكمبيوتر والمركبات الكهربائية.
من المتوقع أن تنمو مبيعات السيارات الكهربائية من 6.5 مليون في عام 2021 إلى 66 مليونا في عام 2040.
تعد جمهورية الكونغو الديمقراطية أيضا أكبر منتج للنحاس في أفريقيا حيث يُقدر أن بعض المناجم تحتوي على درجات أعلى من 3%، وهي نسبة أعلى بكثير من المتوسط العالمي البالغ 0.6 - 0.8%.
كما أن لديها 70% من الكولتان في العالم، وهو عنصر بالغ الأهمية أيضا لتصنيع الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر.
بشكل عام، تشير التقديرات إلى أن جمهورية الكونغو الديمقراطية لديها ما قيمته 24 تريليون دولار من الموارد المعدنية غير المستغلة.
في 13 ديسمبر ، وقعت الولايات المتحدة اتفاقيات مع جمهورية الكونغو الديمقراطية وزامبيا (سادس أكبر منتج للنحاس في العالم وثاني أكبر منتج للكوبلت في أفريقيا) والتي ستشهد دعم الولايات المتحدة للبلدين في تطوير سلسلة قيمة للسيارات الكهربائية.
وفقا لـ"oil price"، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، إن بنك التصدير والاستيراد الأمريكي ومؤسسة تمويل التنمية الدولية سوف يستكشفان آليات التمويل والدعم، وستقدم الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ووزارة التجارة ووكالة التجارة والتنمية المساعدة الفنية.
لأكثر من عقد من الزمان، أنفقت الشركات الصينية مليارات الدولارات للسيطرة على 15 من أصل 19 من مناجم الكوبلت الأساسية في الكونغو.
تستورد الصين 60% من احتياجاتها من الكوبلت من جمهورية الكونغو الديمقراطية، وحوالي 80% من معالجة الكوبلت في العالم تحدث في الصين قبل دمجها في بطاريات الليثيوم أيون.
في يوليو 2022، أوقفت جمهورية الكونغو الديمقراطية الصادرات من ثاني أكبر منجم للكوبلت في العالم وسط نزاع مستمر بين شركة التعدين الصينية وشركة التعدين الحكومية في جمهورية الكونغو الديمقراطية.
وكانت شركة China Molybdenum قد اشترت الحصة المسيطرة في المشروع في عام 2016 من شركة Freeport-McMoRan الأمريكية.
وبتشجيع من الولايات المتحدة، بدأ رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي العام الماضي في اتهام أسلافه بتوقيع عقود غير متوازنة مع شركات التعدين الصينية ويحاول الآن إعادة التفاوض بشأنها.
في علامة نادرة على الشراكة بين الحزبين في جمهورية الكونغو الديمقراطية، أعلن السياسي المعارض أدولف موزيتو الذي كان رئيسا للوزراء في الوقت الذي تم فيه توقيع الصفقات مع الصين، دعمه لإعادة التفاوض بشأن الصفقات مع بكين.
تدافع الصين عن الصفقات، قائلة إنها أقامت العديد من المشاريع في الدولة الواقعة في وسط أفريقيا على الرغم من العقبات، وزيادة الإيرادات الضريبية، وخلق المزيد من فرص العمل، وتوفير الاستثمار في مشاريع البنية التحتية مثل الطرق والمستشفيات ومحطات الطاقة الكهرومائية.
ووفقًا لصحيفة South China Morning Post، تتعرض جمهورية الكونغو الديمقراطية أيضا لضغوط من صندوق النقد الدولي "لتعديل اتفاقيات التعدين غير المتوازنة الممنوحة للشركات الأجنبية" (أي الصين) كشرط مسبق لخط ائتمان جديد بقيمة 1.5 مليار دولار.
ولذا فمن المرجح أن يتم إعادة صياغة الصفقات على حساب جمهورية الكونغو الديمقراطية.
في عام 2009، أوضح الرئيس الكونغولي السابق جوزيف كابيلا لصحيفة نيويورك تايمز سبب توقيع جمهورية الكونغو الديمقراطية على الصفقات مع الصين على الرغم من الضغط الأمريكي، حيث أكد أنه بلاده تحتاج إلى مليارات الدولارات من أجل البنية التحتية، الصحة؛ التعليم؛ الماء والكهرباء؛ والسكن، وعندما تحدث مع أمريكا والاتحاد الأوروبي في هذا الشأن، كان الرد أنه ليس لديهم المال الآن، وأنهم لديهم أولوياتهم الخاصة، على العكس من الصين التي فتحت باب النقاش عندما عرض الأمر عليها.
ليقى السؤال مطروح حتى النهاية .. هل تنجح أمريكا في الفوز بالجزء الأكبر من "كعكة" معادن جمهورية الكونغو؟ أم تحافظ الصين على مكتسباتها؟