اعتقالات بشبهة فساد في البرلمان الأوروبي مرتبط بـ”دولة خليجية”
ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال»، إن الشرطة البلجيكية احتجزت نائبًا بارزًا في البرلمان الأوروبي وأربعة آخرين لاستجوابهم، في ما يتعلق بحملة نفوذ مزعومة، يشتبه المدعون في أن دولة خليجية استهدفت من خلالها الهيئة التشريعية للاتحاد الأوروبي.
وقال مطلعان على القضية إن الدولة هي قطر، قال أحد مسؤوليها إن الحكومة ليست على علم بتفاصيل أي تحقيق في هذا الإطار، مشيرًا إلى أن الدوحة تلتزم بالقوانين واللوائح الدولية.المسؤول القطري، أكد أن أي ادعاء بسوء سلوك من دولة قطر يمثل مغالطة خطيرة.
وقال مكتب المدعي الفيدرالي البلجيكي الجمعة إن المحققين يشتبهون بأن دولة خليجية تحاول التأثير في القرارات، عبر دفع أموال أو تقديم هدايا لمرتبطين بالبرلمان الأوروبي، مشيرًا إلى أن أربعة أشخاص اعتُقلوا لاستجوابهم.
ومساء الجمعة، قال مكتب المدعي العام إن خامسًا جرى اعتقاله، وهو عضو بالبرلمان، إلا أن مطلعًا على القضية قال إن العضو هي المشرعة إيفا كايلي، النائبة الأوروبية اليونانية، المذيعة التلفزيونية السابقة البالغة 44 عامًا، التي أصبحت شخصية بارزة على الساحة الاشتراكية في بلادها، وهي نائبة لرئيسة البرلمان الأوروبي على غرار 13 نائبًا آخر.
وبينما لم يصدر تعليق فوري من مكاتب كايلي في بروكسل ولا ستراسبورغ، فإن أمام الشرطة الفيدرالية في بلجيكا 48 ساعة لتقرر ما إذا كانت ستوجه الاتهام رسميًا لشخص ما أو تسقط القضية.
فصل كايلي
ويتمتع المشرِّعون في البرلمان الأوروبي -بشكل عام- بحصانة من الملاحقة القضائية، ما لم يصوت البرلمان الأوروبي على إسقاطها، إلا أنه مع ذلك، فإن الحصانة لا تنطبق عليهم إذا ضُبطوا متلبسين بفعل إجرامي.
وفُصلت كايلي فورًا من الحزب الاشتراكي اليوناني (باسوك كينال) الذي أعرب عن رغبته أيضًا في أن تتخلى عن منصبها في البرلمان الأوروبي. وأعلنت كتلة الاشتراكيين والديمقراطيين في البرلمان الأوروبي تعليق مهامها.
وقال الحزب عبر «تويتر»: عقب التطورات الأخيرة وتحقيقات السلطات البلجيكية في فساد المسؤولين الأوروبيين، طُردت النائبة إيفا كايلي من (باسوك) حركة التغيير بقرار من الرئيس نيكوس أندرولاكيس.
الفضيحة الأكبر
يمكن أن تتحول القضية إلى واحدة من أكبر الفضائح في البرلمان الأوروبي، التي كانت في قلب العديد من قضايا الفساد والاحتيال على مدى العقدين الماضيين.
وسُجن المشرعون السابقون لتلقيهم رشاوى في قضايا «النقد مقابل القانون»، بينما كانت هناك قضايا جنائية تنطوي على إساءة استخدام المشرِّعين لأموال البرلمان الأوروبي.
ووصفت مصادر برلمانية، عضو البرلمان الأوروبي كايلي بأنها قوة صاعدة في المجلس التشريعي للاتحاد الأوروبي، مشيرة إلى أنها كانت عضوًا في الوفد البرلماني للعلاقات مع البرلمان العربي، بين مهام أخرى.
وفي خطاب ألقته مؤخرًا في البرلمان، أشادت بسجل قطر كمضيف لكأس العالم لكرة القدم، قائلة إنها تركت مشكلاتها المزعومة في مجال حقوق الإنسان وراءها.
وقالت: «كأس العالم دليل في الواقع على كيف يمكن للدبلوماسية الرياضية أن تحقق تحولًا تاريخيًا لبلد مع إصلاحات ألهمت العالم العربي. قلت بمفردي إن قطر هي الأوفر حظًا في مجال حقوق العمال.
وقال مكتب المدعي العام إن الشرطة أجرت 16 عملية تفتيش في بروكسل كجزء من تحقيق كبير في التنظيم «الإجرامي» المزعوم بتهم الفساد وغسل الأموال، ما أدى إلى اعتقال أربعة أشخاص.
وقال بيان من مكتب المدعي العام: «لأشهر، اشتبه محققو الشرطة القضائية الفيدرالية في أن دولة خليجية تؤثر في القرارات الاقتصادية والسياسية للبرلمان الأوروبي مضيفًا أن حملة التأثير المزعومة كانت من خلال دفع مبالغ كبيرة وهدايا كبيرة لأشخاص في مناصب سياسية أو استراتيجية.
واستهدفت عمليات البحث الجمعة المساعدين البرلمانيين العاملين في البرلمان الأوروبي، بحسب مكتب المدعي العام، الذي قال إن أحد الذين استجوبوا كان عضوًا سابقًا في البرلمان الأوروبي.
وفق معلومات صحفية أكدتها «فرانس برس»، فإن ثلاثة من المشتبه بهم، الذين أوقفوا الجمعة إيطاليون أو من أصول إيطالية: النائب الأوروبي الاشتراكي السابق بيير أنتونيو بانزيري والأمين العام الجديد للاتحاد الدولي لنقابات العمال لوكا فيزينتيني، إضافة إلى مساعد برلماني ملحق بكتلة الاشتراكيين والديمقراطيين، فرانشيسكو جيورجي، علمًا أنه رفيق إيفا كايلي.
وقالت منظمة الشفافية الدولية إن ما حدث «ليس معزولًا» مضيفةً: منذ عقود عدة، سمح البرلمان بنمو ثقافة الإفلات من العقاب وبغياب للرقابة الأخلاقية المستقلة، بينما قال أستاذ القانون بكلية أوروبا في بروج البلجيكية ألبرتو أليمانو إن الرقابة في الهيئة الأوروبية معطلة.
وقال مكتب المدعي العام، إن الشرطة استعادت قرابة 600 ألف يورو نقدًا، أي ما يعادل قرابة 632 ألف دولار، وصادرت أجهزة كمبيوتر وهواتف محمولة.
وفي أعقاب الأزمة الدبلوماسية القطرية التي بدأت عام 2017 عندما قطعت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ودول أخرى العلاقات مع قطر وحظرت الطائرات والسفن المسجلة هناك من السفر عبر أراضيها- سعى الدبلوماسيون القطريون إلى إبراز صورتهم في بروكسل، فنظموا جلسات إحاطة مع وسائل الإعلام والفعاليات في البرلمان الأوروبي ومع مؤسسات الاتحاد الأوروبي الأخرى.
وقالت متحدثة باسم البرلمان الأوروبي إن المجلس التشريعي لا يعلق على الإجراءات القضائية، مشيرة إلى أنه سيتعاون مع السلطات الوطنية التي تتعامل مع القضية.
وقالت مجموعة حزب الشعب الأوروبي، الكتلة التي تمثل أحزاب يمين الوسط في الاتحاد الأوروبي، الجمعة، إنها صُدمت من أنباء التحقيق، مضيفة: ينبغي ألا نترك أي حجر من دون قلبه. لا مكان للفساد في الاتحاد الأوروبي، السلطات تحظى بدعمنا.
وقالت مجموعة الاشتراكيين والديمقراطيين، التي تمثل أحزاب يسار الوسط السياسية، إنها فزعت من مزاعم الفساد في مؤسسات الاتحاد الأوروبي، مضيفة: نحن أول من يدعم إجراء تحقيق شامل، وسنتعاون مع المحققين ولم يصدر تعليق فوري من المجموعة على اعتقال كايلي.
وتقول «وول ستريت جورنال»، إن هذه ليست المرة الأولى التي يتورط فيها البرلمان الأوروبي بفضائح فساد، مشيرة إلى أن المشرِّعين السابقين سُجنوا لتلقيهم رشاوى، في ما تسمى قضايا المال مقابل القوانين.
وبينما قالت الصحيفة الناطقة بالإنجليزية، إنه كانت هناك العديد من الفضائح عن إساءة استخدام المشرِّعين لأموال البرلمان الأوروبي، أشارت إلى أن كل مشرع يتلقى أموالًا لتعيين فريق مساعديه الخاص به، ما يجعل الإشراف على المساعدين يعتمد إلى حد كبير على عضو البرلمان الأوروبي.
الوضع بالنسبة للأنشطة القطرية في أمريكا كان مختلفًا عنه في أوروبا، التي قالت إن أنشطة قطر خضعت في واشنطن للتدقيق.
ويحقق مكتب التحقيقات الفيدرالي في ما إذا كانت جهود الدولة لتوظيف مطلعين في واشنطن قد انتهكت قوانين الولايات المتحدة المتعلقة بممارسة الضغط.كان الجنرال المتقاعد من مشاة البحرية جون ألين، استقال من منصبه رئيسًا لمعهد بروكينغز في يونيو الماضي، بعد أن زعمت وثائق المحكمة أنه كان يحاول مساعدة قطر في اجتياز أزمة دبلوماسية عام 2017 ثم التستر على أنه فعل ذلك.
ويشترط قانون الولايات المتحدة على الذين يتقاضون رواتبهم، للضغط نيابة عن الحكومات الأجنبية، تسجيل هذا العمل، بينما نفى الجنرال ألين أنه ضغط لصالح الحكومة القطرية.