الإنسانية .. مشاهد أبكت جماهير كأس العالم 2022
ملاعب أيقونية، جماهير غفيرة وأجواء مونديالية، رسمت لوحة بديعة لكأس العالم قطر 2022، وجاءت المشاهد الإنسانية لتزيدها بهاء وجمالا.
في الدور الأول من البطولة، التي تأتي لأول مرة في دولة عربية وفي منطقة الشرق الأوسط، كانت الإنسانية حاضرة بقوة بين اللاعبين في أرضية الملعب وداخل المدرجات وخارجها أيضًا.
وجاءت لقطة اللاعب المغربي أشرف حكيمي مع والدته لتأسر قلوب المغاربة ومتابعي البطولة حول العالم، حين شق زحام زملائه للوصول إلى والدته التي كانت تشجعه في المدرجات.
وعانق حكيمي أمه بحرارة ألهبت مشاعر الجميع، بينما بادلته والدته العناق بقبلة مفعمة بالفخر، لتنال صورتهما تقدير وإعجاب المغاربة، الذين كالوا المديح للاعب الحريص على البر بوالدته.
ولا يخجل لاعب باريس سان جيرمان البالغ 24 عاماً من الحديث عن ماضيه البسيط واستدعائه في كل المناسبات، مقدرًا تضحيات والديه من أجله.
وكالنار في الهشيم، تناقل المعجبون صورة حكيمي ووالدته عبر مواقع التواصل، كما نشرها يورجن كلوب، مدرب ليفربول الإنجليزي، واعتبرها "أفضل صورة في كأس العالم"، وكذلك فعل اللاعب الفرنسي كليان مبابي، ونشر صورة صديقه المقرب مع والدته عبر حسابه على "إنستجرام".
لا شيء يبعث على الممل أكثر من التكرار، خاصة إذا كان في حدود جملة تتألف من 3 كلمات بسيطة "metro this way" أو "المترو من هنا".
لكن الشاب الكيني أبو بكر عباس، العامل البسيط في مترو قطر، كان له رأي آخر في دوره المقتصر على ترديد هذه الجملة البسيطة، واستطاع بقدر عالٍ من الخفة أن يصبح أيقونة المونديال.
وظهر "أبوبكر" وهو يدلّ المشجعين على اتجاه مترو قطر، بعدما عمد إلى تنويع نبرة صوته، ليتفاعل معه المارة، وما لبث حتى بات مقصدًا للمشجعين، يتوافدون إليه لسماع جملته والتقاط الصور التذكارية.
وأظهرت مقاطع فيديو "أبوبكر" وهو يتفاعل بخفة عالية مع المشجعين، فحين يردد هو كلمة "metro" يسارع المشجعون للهتاف بأعلى صوت "this way"، حتى صارت جملته شعارًا مستخدمًا داخل المدرجات.
وأمام هذه الحالة الإنسانية العالية، عيّنت السلطات القطرية "أبو بكر" سفيرًا لمترو قطر، فيما دعته اللجنة المنظمة للبطولة لحضور مباراة إنجلترا والولايات المتحدة وأنزلته إلى أرضية الملعب ليردد جملته الشهيرة مع المشجعين، كما أنشأ الشاب الكيني حسابًا على منصة "تيك توك"، ويحظى الآن بمتابعة الملايين.
بعد فوز تاريخي على منتخب الأرجنتين في الجولة الأولى من دور المجموعات، لامست آمال السعوديين عنان السماء، وبدا الطريق إلى الدور الـ16 من البطولة مفروشًا بالورود.
وجاءت المحطة الثانية للأخضر السعودي أمام منتخب بولندا، ودخل اللاعبون والجمهور السعودي والعربي متسلحين بنشوة الانتصار على راقصي التانجو، لكنها الأقدار وأخطاء اللاعبين.
استقبل الأخضر الهدف الأول وأضاع لاعبه سالم الدوسري ركلة جزاء، وجاءت هفوة المدافع عبدالإله المالكي لتزيد الأمر تعقيدًا على فريقه ومدربه هيرفي رينارد، وانتهى اللقاء بهدفين في شباك الحارس السعودي.
والتقطت عدسات الكاميرات رينارد وهو يقبل رأس عبدالإله المالكي بعد استبداله في الدقائق الأخيرة من عمر المباراة، رغم الخطأ الدفاعي الذي كلّف الفريق الهدف الثاني، وقال رينارد: "المالكي أخطأ في الهدف الثاني، ولكن أنا أبني روح الفريق، ولا بد أن أدعم جميع اللاعبين".
كما قدم وزير الرياضة السعودي، عبدالعزيز بن تركي الفيصل، الدعم لمدافع الفريق، حين ظهر في غرفة تبديل الملابس مع لاعبي الأخضر، وهو يقدم الدعم للاعب بعد هفوته القاتلة.
في طريق عودتها من ملعب مباراة البرازيل وصربيا بالجولة الأولى من دور المجموعات، كان الحمل ثقيلا على ابنة مدرب السيليساو التي كانت تترجل إلى مترو الدوحة رفقة ابنيها.
وتصادف مرور مشجع فلسطيني يدعى حسام سفاريني أمام ابنة تيتي وحفيديه، فاستوقفه المشهد وعرض مساعدته عليها، وحمل عنها أحد ابنيها إلى محطة المترو.
وحرص مدرب المنتخب البرازيلي "تيتي" على استقبال المشجع العربي الذي ساعد ابنته، وقدّم له الشكر على عمله الإنساني، وأهداه كذلك قميص المنتخب في مقر تدريبات البرازيل.
وقال مدرب البرازيل قبل استقبال سفاريني: "الرياضة تمنحنا أشياء جميلة واستثنائية، أريد معرفة هذا الرجل النبيل، لأنه أظهر لنا شعورا بالتضامن والإنسانية يتجاوز حدود كرة القدم"، فيما قال المشجع الفلسطيني: "هذا يعني الكثير لي، ولا يقدر بثمن".
وأظهر مقطع فيديو انتشر على نطاق واسع حالة من الفرحة العارمة بين الجماهير المغربية بعد فوز أسود الأطلس على المنتخب البلجيكي بنتيجة هدفين مقابل لا شيء.
ومن فرط الفرحة كادت فتاة من ذوي الهمم أن تقف على قدميها، في مشهد أدهش المستخدمين على مواقع التواصل الاجتماعي، الذين تمنوا كل التوفيق للمنتخب المغربي في مباراته أمام نظيره الإسباني في دور الـ16 والوصول إلى أبعد نقطة في المونديال، حتى تستمر فرحة الفتاة القعيدة.
وبعد أيام يسدل الستار على دور المجموعات، وينتظر عشاق الساحرة المستديرة الأدوار الإقصائية على أحر من الجمر، وفيما تبقى المنافسة مكفولة بين الفرق، يعقد الجميع آمالهم على تحلي اللاعبين بالروح الرياضية وإعلاء قيم الإنسانية بين المشجعين داخل الملاعب وخارجها.
وأظهرت عشرات مقاطع الفيديو التي انتشرت من داخل وخارج ملاعب كأس العالم قطر 2022 حالة من الألفة والتضامن الإنساني بين الجماهير على رغم اختلاف الثقافات واللغات، لكن ذلك لم يقف حائلاً أمام عديد المواقف الإنسانية التي رسمت ملامح دور الـ23 من المونديال.