جريدة الديار
الخميس 21 نوفمبر 2024 07:44 مـ 20 جمادى أول 1446 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

هل تحتاج الولايات المتحدة لاحتواء الصين؟

في عام 1990 لاحظ المحلل السياسي الأمريكي ستروب تالبوت أن النظام السوفيتي" انهار بسبب قصور وعيوب في جوهره، وليس بسبب أي شىء فعله العالم الخارجي أو لم يفعله أو هدد بفعله". وهذا يعني أن المشكلات التي كان على السوفييت مواجهتها كانت أساسا نتيجة مباشرة لسياسات داخلية وخارجية خاطئة، وأن تلك المشكلات كانت ستحدث مهما كانت السياسة التي كان يتبعها الغرب.

ويقول جون مولر، وهو عالم سياسي بجامعة ولاية أوهايو وأحد كبار الباحثين بمعهد كاتو الأمريكي في تقرير نشرته مجلة ناشونال انتريست الأمريكية إنه يبدو أن هناك شيئا مماثلا يحدث مع الصين اليوم. فمنذ 15 عاما، بدأت الصين تبتعد عن نهج سياسة خارجية متساهلة ومريحة ، وهو تغير تبناه الرئيس الحالي شي جين بينج ويقوم بتسريعه.وبالإضافة إلى ذلك، أصبحت الدولة استبدادية تماما وتبنت بصورة متزايدة إجراءات تخنق التفكير المستقل والاقتصاد الخاص. ونتيجة لذلك،دخلت، أو ربما تدخل في القريب العاجل في فترة ركود اقتصادي.

وهذا يشير إلى أنه رغم أنه لن يكون هناك ما يدعو كثيرا لتوقع انهيار كما حدث للسوفييت بعد عامين تقريبا من مقال المحلل تالبوت، يبدو بصورة متزايدة كما لو أن الصين لا تمثل حقيقة تهديدا كبيرا. وبقدر ما قد ينظر إلى الصين على أنها تمثل تهديدا ، فإن جهود ما وصفه تالبوت بـ" العالم الخارجي" لاحتواء الصين نادرا ما تبدو ضرورية.

ويمثل دليل مبكر على التغيير في أن الصين أصبحت أكثر" حزما" بالنسبة للعلاقات الدولية مع نمو اقتصادها. لكن في الواقع، لم تؤد السياسة الجديدة إلى المزيد من النفوذ للصين، لأنها كانت في الغالب شديدة الوطأة، وحتى اللجوء للتنمر وأغضبت الشعوب والنظم في أنحاء العالم بما في ذلك، دول مجاورة مهمة مثل اليابان، وكوريا الجنوبية، وإندونيسيا، والهند واستراليا.

وكان الملفت للانظار بوجه خاص النوبة الهستيرية العسكرية للصين في وقت سابق من هذا العام بسبب زيارة قصيرة قامت بها رئيسة مجلس النواب الأمريكي السابقة نانسي بيلوسي لتايوان. وهذا الغضب من جانب الصين أدى إلى زيادة الوعي في تايوان بشأن الدفاع، وإلى عدد كبير من الزيارات لتايوان من جانب برلمانيين من أنحاء العالم، يتوقون للتعبير عن دعمهم.

وهناك نهج أكثر ضعفا لزيادة مركز الصين ونفودها وهو مبادرة الحزام والطريق التي لم تحقق نجاحا أفضل. فقد أعلن شي بتفاخر أن هذه المبادرة سوف تكون" مشروع القرن" عندما خصص نحو 75 مليار دولار كقروض عام 2016، ولكن الكثير منها ثبت أنه خاطىء اقتصاديا، وتم خفض الميزانية إلى 4 مليارات دولار في عام .2019

وترددت أنباء بأن قصصا عن فساد صيني وفضائح صينية مرتبطة بمشروعات البنية التحتية الخاصة بمبادرة الحزام والطريق، أدت إلى زيادة الشعور بالرهاب تجاه الصين" صينوفوبيا.

ومن ناحية اخرى، واصلت الصين اتباع خطوة قوية نحو اقتصاد موجه يتم فيه محاباة مشروعات الدولة التي لا تتسم بالكفاءة على حساب مشروعات القطاع الخاص ذات الكفاءة ، وهو النهج الذي يكون فيه الاهتمام بحكم الحزب الشيوعي الفاسد تحت حكم رجل واحد أكثر من الاهتمام بالنمو الاقتصادي.

وعموما، فإن السياسات المتغيرة أدت، أو تؤدي أيضا إلى احتمال حدوث ركود شديد وممتد في الاقتصاد الصيني، رغم أن هناك عدم اتفاق في الدراسات بشأن ما إذا كانت الصين تدخل الآن في هذا الحال، الذي تعيش فيه منذ عشر سنوات أم إنها سوف تبدأ في ذلك في غضون عشر سنوات أخرى.

وتشمل المشكلات التي تواجهها الصين زيادة الديون وانخفاض الانتاجية، وسرعة شيخوخة السكان، والتقارير الاحصائية الزائفة، والحمائية الخارجية، والفساد المنتشر، والتدهور البيئي، وقمع الحريات المدنية، والرقابة الكثيفة على الانترنت. ويمكن القول إن مثل هذه التطورات ليست إلى حد كبير بسبب المخططات الأجنبية، ولكنها ترجع إلى تغييرات في العمليات والضغوط الداخلية.

ويبدو أن "شي" ماهر في تمهيد طريقه بأن يكون هناك حكم رجل واحد بدون منازع. ومع ذلك، فإنه يبدو أنه يفعل كل شىء بطريقة خاطئة. إذن في ظل هذه الظروف، نادرا ما تكون هناك حاجة لسياسات الاحتواء.

والبديل هو الانتظار( ربما لفترة طويلة من الوقت) حتى تعود الصين لمسارها بينما تستفيد بحذر من حجمها الاقتصادي إلى الدرجة الممكنة، والحفاظ على التمثيلية الاوبرالية الهزلية المستمرة منذ عقود والتي تظل فيها تايوان مستقلة طالما لا تقول ذلك، وربما إصدار شكاوى من حين لآخر، حتى لو كانت غير مثمرة عن الحريات المدنية في الصين.

وطالما كانت سياسات الصين رد فعل على ما تعتبره استفزازات عدائية من الغرب، وخاصة من جانب الولايات المتحدة، سوف يتقلص ذلك الحافز أو المبرر لسياستها.

وأشار مولر في ختام تقريره إلى أن نابليون قال ذات مرة" لا تقاطع عدوك مطلقا وهو يرتكب خطأ". ورغم أنه ليس من الواضح ضرورة اعتبار الصين "عدوا" ، فإن المشاعر الأساسية يبدو أنها تصدق في هذه الحالة.