خبراء دوليون يوصون بإنشاء صندوق إقليمي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا
أكد خبراء وأكاديميون وباحثون دوليون على ضرورة تنسيق جهود مكافحة القرصنة وتحقيق الأمن البحري في منطقة القرن الأفريقي، إلى جانب أهمية تطوير استراتيجيات اقتصادية وإعلامية وثقافية لتقوية العلاقات المشتركة، كما شددوا على ضرورة التصدي العاجل لتهديدات التغير المناخي.
واقترح الخبراء إنشاء صندوق إقليمي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا، بتمويل من جامعة الدول العربية والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ودول مجلس التعاون الخليجي، لتعزيز النمو الاقتصادي والاستقرار في منطقة القرن الأفريقي، وسيركز هذا الصندوق على القطاعات التي توفر فرص العمل (مثل الزراعة والصناعة) ودعم الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتنفيذ شبكات الكهرباء وشبكات النقل المتكاملة إقليمياً، إضافة إلى التصدي على وجه السرعة لتهديدات تغير المناخ، بما في ذلك الجفاف وانعدام الأمن الغذائي والتصحر، من خلال زيادة المساعدات الإنسانية وتعزيز التعاون مع الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية في شرق أفريقيا (إيغاد).
وأشار الخبراء الدوليون المشاركون في ندوة: «جهود ومبادرات السلام والاستقرار في منطقة القرن الأفريقي - تقييم الأدوار والمصالح»، والتي نظمها أمس الثلاثاء مركز تريندز للبحوث والاستشارات في أبوظبي، إلى الحاجة المحلة على المساعدة في بناء القدرات المؤسسية والفنية لتقوية سلطة الحكومات الوطنية في منطقة القرن الأفريقي، وزيادة مرونتها وقدرتها على التعامل مع التحديات الخارجية، فضلاً عن تفضيل المناهج الوقائية التي تعالج مجموعة من الدوافع المحتملة لعدم الاستقرار، وضرورة الحد من التنافسات المزعزعة للاستقرار بين الدول الثالثة في القرن الأفريقي، من خلال زيادة التعددية وتنسيق المواقف المشتركة بين الأطراف الخارجية.
كما أوصى الخبراء بتنسيق الجهود الإقليمية والدولية الهادفة إلى مكافحة القرصنة وتحقيق الأمن البحري في القرن الأفريقي، واعتماد آليات جماعية مشتركة متفق عليها لتحقيق هذا الهدف، ورفع مستوى القدرات الفنية الوطنية في مجال الأمن البحري من خلال الدعم الفني من طرف ثالث، والتعاون بين القطاعين العام والخاص لتعزيز أمن المواني، والتدريب على إنفاذ القانون، وبناء القدرات.
وطالب المشاركون في الندوة بوضع آلية لتسوية المنازعات بين دول القرن الأفريقي، وتقديم الدعم اللازم لضمان فاعلية هذه الآلية، وأهمية تقديم الدعم السياسي لدور الاتحاد الأفريقي في حل النزاعات القائمة في القرن الأفريقي، وربط مساعدات التنمية الأجنبية الجديدة (باستثناء المساعدات العاجلة والإنسانية) بالتحسينات في الشفافية والمساءلة وسيادة القانون والحكم الرشيد لتعزيز سلطة الحكومات الوطنية وشرعيتها.
وشدد الخبراء على ضرورة تشجيع الحوار الداخلي وإجراءات بناء الثقة بين حكومات القرن الأفريقي من أجل إرساء أسس التكامل الإقليمي والتعاون الاقتصادي، وتركيز الأطراف الثالثة على تحقيق الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي من خلال زيادة التنسيق الدولي وتشجيع القوى الكبرى للحد من المنافسة الاستراتيجية الثنائية.
كما اقترحوا تشكيل تجمع أمني (على غرار مجموعة الساحل G5)، لإدارة التعاون بين دول المنطقة لمكافحة الإرهاب ومعالجة المسائل الأمنية الأخرى، والعمل على إضفاء الطابع المؤسسي على الحوار الاستراتيجي مع الأطراف الخارجية، إضافة إلى تطوير استراتيجيات إعلامية لتقوية العلاقات الثقافية والتاريخية المشتركة بين شعوب القرن الأفريقي لتثبيت النسيج الاجتماعي ومكافحة التطرف وتعزيز التكامل الإقليمي.
واستهل أعمال الندوة الدكتور محمد عبدالله العلي الرئيس التنفيذي لمركز تريندز، ملقياً كلمة رئيسية، أشار فيها إلى أن الندوة تناقش واحدة من القضايا التي تشغل اهتمام المفكرين والسياسيين على السواء، وهي تلك المتعلقة بكيفية تحقيق الاستقرار والسلام والتنمية في منطقة القرن الأفريقي، ذات الأهمية الاستراتيجية الكبيرة لأفريقيا والشرق الأوسط والعالم ككل، وكيفية تنسيق الجهود والمبادرات والأدوار الخارجية الرامية لتحقيق هذا الهدف، وصولاً إلى أفضل النتائج الممكنة.
وأكد العلي على الأهمية الجيواستراتيجية الكبيرة التي تحظى بها منطقة القرن الأفريقي، قائلاً إن هذه الأهمية جعلت منها نقطة جذب دولية، وساحة للتنافس السياسي بين القوى الإقليمية والدولية على الحضور وامتلاك النفوذ فيها حفاظاً على مصالحها، بل وصل الأمر إلى حد قيام دول كبرى، مثل الولايات المتحدة والصين وبريطانيا، بإيفاد مبعوثين خاصّين إلى منطقة القرن الأفريقي؛ تأكيداً للأهمية التي تحظى بها، ضمن استراتيجياتها العالمية.
وأوضح أن منطقة القرن الأفريقي، عانت ولاتزال تعاني، العديد من الأزمات التي هددت، وتهدد، حالة الأمن والاستقرار فيها، مبيناً أن الأهمية الاستراتيجية لمنطقة القرن الأفريقي، وتعدد الأزمات التي تعانيها، شكلا عاملين دافعين لكثير من الدول والأطراف الخارجية، الإقليمية والدولية، للقيام بتحركات وتقديم مبادرات وتصورات؛ لحل أزمات هذه المنطقة الحيوية من العالم، وتعزيز الأمن والاستقرار فيها.
وتضمنت الندوة ثلاث جلسات رئيسية، جاءت الجلسة الأولى تحت عنوان: «الاستقرار في القرن الأفريقي: المحددات والأسباب والدوافع»، وشارك فيها كالب دميرو، مرشح دكتوراه بجامعة جنوب فلوريدا الأمريكية، وألكسي يلونين الباحث بمركز الدراسات الدولية بجامعة لشبونة البرتغالي، بينما شهدت الجلسة الثانية: «الأمن البحري والقرصنة في القرن الأفريقي: التحديات وكيفية المواجهة» مشاركة الدكتور أولي بيكا سورسا، الأستاذ المساعد ببرنامج الأمن الداخلي بأكاديمية ربدان، وتيموثي بيتر إدموندز أستاذ الأمن الدولي بجامعة بريستول البريطانية، والدكتور فيجاي ساخوجا مدير كلية الدراسات الأمنية الساحلية والبحرية المتكاملة بجامعة راشتريا راكشا.
وحملت الجلسة الثالثة عنوان: «الجهود والمبادرات لتأمين السلام والاستقرار في القرن الأفريقي: الأسباب المنطقية والمصالح»، وشارك فيها ماركو دي ليدو، المحلل المسؤول عن مكتب أفريقيا في مركز الدراسات الدولية (CESI) بإيطاليا، وفيديريكو دونيلي من جامعة جنوة الإيطالية، والدكتور بريندون كانون، الأستاذ المساعد بجامعة خليفة.