بعد 6 سنوات من الفوضى.. صدى انتخابات الكونغرس وراء الساحل الأمريكي
ترى المحللة البريطانية الدكتورة ليزلي فينجاموري أن الرئيس الأمريكي جو بايدن شهد في ظل رئاسته أفضل نتائج حققها حزب في السلطة في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس الأمريكي على مدى عقدين ، أما مستقبل قيادة الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه الرئيس السابق دونالد ترامب فإنه يكتنفه الغموض الآن.
و بالنسبة لرئيس يعاني باستمرار من معدلات تأييد منخفضة ، اسفرت الانتخابات عن نتيجة مذهلة في الوقت الذي فشلت فيه موجة الجمهوريين الحمراء المتوقعة على نطاق واسع في تحقيق المرجو منها .
وقالت فينجاموري ، مديرة برنامج أمريكا والأمريكتين في معهد تشاتام هاوس البريطاني(المعهد الملكي للشؤون الدولية) وعميدة أكاديمية الملكة اليزابيث الثانية للقيادة في الشؤون الدولية، في تحليل نشره المعهد إنه على الرغم من أنه يبدو أن الديمقراطيين في طريقهم لخسارة الأغلبية التي يتمتعون بها في مجلس النواب ، تعتبر هذه الخسارة أقل كثيرا مما توقعه منظمو استطلاعات الرأي في أي وقت من الأوقات.
وقد حافظ الديمقراطيون على سيطرتهم على مجلس الشيوخ ، وذلك بعد إعادة انتخاب المرشحة كاثرين كورتيز ماستو بمقعد ولاية نيفادا الحاسم، وفقا لتقديرات نشرتها مساء أمس السبت شبكات أمريكية .
وحتى إذا تمكن الجمهوريون من الفوز بالسباق المتبقي في ولاية جورجيا، حيث من المقرر أن تجرى جولة إعادة الشهر المقبل، فإن الديمقراطيين سيحتفظون بالسيطرة على الغرفة العليا من الكونجرس، وذلك في ظل قدرة نائبة الرئيس كامالا هاريس على حسم أي تعادل لصالح الديمقراطيين.
وأضافت فينجاموري، أن انتخابات التجديد النصفي للكونجرس لم تكن جيدة بالنسبة للحزب الجمهوري، ولكنها كانت سيئة بصفة خاصة للرئيس السابق دونالد ترامب الذي نجح حتى الآن في تحدى التوقعات ويحتفظ بقبضته على الحزب حتى بعد هزيمته في الانتخابات الرئاسية عام 2020
ونجح ترامب في الفوز بالرئاسة مرة ،ولكنه خسر التصويت الشعبي مرتين ولم تتجاوز معدلات التأييد له في أي مرحلة خلال ولايته في المنصب نسبة الـ40.%
والآن ، وبعد ست سنوات من القيادة الأكثر انقساما واضطرابا التي شهدتها الولايات المتحدة على الإطلاق، شهد ترامب أسوأ نتائج في انتخابات للتجديد النصفي للكونجرس حققها حزب خارج السلطة على مدى عقدين.
وخسر الكثير من المرشحين الذين أيدهم الرئيس السابق - بما في ذلك في الولايات التي تنقسم فيها اصوات الناخبين بالتساوي إلى حد ما بين الديمقراطيين والجمهوريين مثل ولايتي بنسلفانيا وأريزونا.
وفي ولاية جورجيا ، فاز الحاكم الجمهوري ومنافس ترامب في الحزب الجمهوري ، رغم معارضة ترامب ، ولم يحقق المرشح الذي دعمه للحصول على مقعد في مجلس الشيوخ الأمريكي نسبة الـ50% في الجولة الأولى .
وفاز خصم ترامب وهو الحاكم الجمهوري لولاية فلوريدا رون ديسانتيس، بولاية مدتها اربع سنوات ، بأغلبية ساحقة.
ويواجه ترامب هجمات من حزبه والكثير من المؤيدين من وسائل الإعلام المواليه له مثل فوكس نيوز وصحيفتي نيويورك بوست وول ستريت جورنال .
ولايبشر أي هذه الأمور بالخير بالنسبة لمستقبل قيادة ترامب للحزب حتى الانتخابات الرئاسية في عام .2024
وبعد ست سنوات من الفوضي، لايوجد حتى الآن أي عنف في انتصار للديمقراطية وللاستقرار في الولايات المتحدة ، وهو الأمر الذي سوف يكون له صدى فيما وراء السواحل الأمريكية.
وعمل النظام بشكل جيد مع إجراء عدة انتخابات في كل الولايات الخمسين ،وتم حسم المقاعد التي شهدت منافسة محتدمة بشكل سلمي بهوامش ضئيلة
و تقول فينجاموري إنه بالنسبة لدولة تشهد استقطابا للناخبين وزعيما جمهوريا راديكاليا يواصل نشر المعلومات المضللة ويسعى إلى إثارة غضب قاعدته ، كانت هذه الانتخابات طبيعية على نحو مثير للدهشة.
ومازال بايدن مسيطرا وبدلا من اندلاع معركة للتحكم في الحزب الديمقراطي ، يبدو أن الجمهوريين هم الذين في طريقهم للانزلاق إلى صراع داخلي وتبادل الاتهامات.
ويتعين على الجزب الجمهوري أن يقرر في القريب العاجل من سيكون مرشحه للانتخابات الرئاسية ، وأوضح ترامب بصوت عال إلى أنه يعتزم خوض هذه الانتخابات .
وربما يخوض ديسانتيس أيضا الانتخابات ، وإذا قرر ذلك ، فإنه قد يتبعه مرشحون جمهوريون أكثر طموحا. ويبدو من المرجح أن يواجه حزب ممزق فترة تشهد تغييرا كبيرا.
وكما هو الوضع دائما ، نادرا ما تثار السياسة الخارجية في الانتخابات ،ولكن النتيجة تبشر بفترة تشهد استمرار النهج السياسي الحالي .
وبدلا من التعرض لهجمات بسبب أوكرانيا من جانب قيادة الجمهوريين القوية لمجلس النواب ، يبدو أن إدارة بايدن عازمة على التمسك بسياستها بشأن أوكرانيا.
وسوف تستمر على نحو متزايد السياسة المتشددة التي ينتهجها بايدن بشأن الصين مع تصميم واضح على التعاون بشأن المناخ .وسوف تظل السياسة الخاصة بالتجارة عالقة ، مثلما سيكون وضع السياسة الأمريكية في العالم النامي .
وفي نهاية المطاف ، نجح الرئيس بايدن وحزبه رغم الظروف المعاكسة. في السيطرة على مجلس الشيوخ وربما يخسرون في مجلس النواب بهامش ضئيل للغاية مما سوف يمكنهما من إجهاض خطط الجمهوريين الطموحة لاتهام الرئيس بالتقصير وعزله .
ومرة أخرى ، أثارت الديمقراطية الأمريكية الدهشة، وأربكت حكمة الناخبين الأمريكيين المراقبين السياسيين ومنظمي استطلاعات الرأي . وبعد ست سنوات كئيبة ، يبدو أن الأمريكيين صوتوا لصالح الاستقرار والهدوء.
واختتمت فينجاموري تحليلها بالقول إنه لايزال يتعين رؤية ما إذا كان ترامب أدرك تلك الرسالة، وسوف يبتعد عن المشهد السياسي بهدوء، لقد قالت أمريكا كلمتها، وربما ليست هذه المرة الأولى التي لم يسمع فيها ترامب الرسالة.