القنصليات الصينية.. هل تمثل ذراع بكين لانتهاك السيادة الأمريكية؟
لا تزال المنافسة الجيوسياسية بين الولايات المتحدة والصين تلقي بظلالها على العلاقات بين البلدين وسط ترقب مستمر من كلا الجانبين لأي سياسات تمس الجانب الآخر.
ويقول الباحث جوردون جي تشانج، مؤلف كتاب "الانهيار القادم للصين"، في تقرير نشره معهد جيتستون الأمريكي إن الأمريكيين غضبوا في الأسابيع القلائل الماضية من التقارير التي تفيد بأن السلطات الصينية أنشأت مقرا للشرطة في منطقة لوير إيست سايد في مانهاتن ، في الحي الصيني.
وأضاف تشانج، وهو زميل بارز في معهد جيتستون وعضو في مجلسه الاستشاري، أن المكان يضم مكتب الشؤون الصينية في الخارج التابع لشرطة فوتشو. والغرض المعلن للمكتب هو مساعدة مواطني الصين في الحصول على بطاقات الهوية الحكومية الصينية ورخص القيادة.
وتردد أن بكين استخدمت المكتب أيضا لتعقب الأفراد الصينيين الذين يشكلون أهمية للسلطات الصينية، واختصار الإجراءات القانونية، لإقناع هؤلاء الصينيين بالعودة الطوعية إلى الصين، بحسب تشانج.
وأوضح أنه سواء كان المكتب يتعامل مع الخدمات الروتينية أو يطارد الأفراد، فقد انخرط في أنشطة تنتهك السيادة الأمريكية. وليس لدى الولايات المتحدة والصين معاهدة لتسليم المجرمين.
وقال بو ديتل ، المحقق المتقاعد الشهير في شرطة نيويورك ، لمؤسسة ديلي كولر نيوز: "هذا عار .. كيف يمكن باسم الله أن يكون لديهم علنا مراكز الشرطة الشيوعية هذه في بلدنا؟"
ولسوء الحظ ، لا يوجد لغز حول سبب شعور الحكومة الصينية بأنها يمكن أن تفلت من العقاب على الأراضي الأمريكية.
ويرى تشانج أن جرأة الصين هي نتيجة لعلم الرؤساء أوباما وترامب وبايدن، وربما من سبقوهم، بالأنشطة غير اللائقة وغير القانونية في أمريكا للمسؤولين القنصليين الصينيين وعملاء وزارة أمن الدولة لكنهم اختاروا عدم طرد أو معاقبة مرتكبي تلك الأمور.
وقال إنه باختصار، فشل أعلى زعماء أمريكا المنتخبين في فرض القانون الأمريكي ضد الصين.
ونبدأ بما حدث في الذكرى الـ 100 لتأسيس الحزب الشيوعي. خلال فترة ما بعد ظهر يوم 1 تموز/يوليو من العام الماضي ،عندما تسبب حارس أمن مسلح ملحق بالقنصلية الصينية في مدينة نيويورك في إصابات في الوجه لجين شتاين ، وهي من سكان مانهاتن ، بينما كانت تصور احتجاجا على الرصيف خارج الموقع الدبلوماسي الصيني.
ووقع الحادث، حيث دفع الحارس كاميرا شتاين الثقيلة في وجهها مما تسبب في تورم فوق عينها اليسرى، على الرصيف خارج القنصلية مباشرة ، على الجانب الشمالي من شارع .42
باختصار، كان حارس القنصلية يتدخل في شؤون الأمريكيين، على الأراضي الأمريكية ذات السيادة.
وعلى الرغم من أن مكتب التحقيقات الاتحادي أجرى مقابلة مع شتاين حول الهجوم، إلا أنه لا يبدو أن إدارة بايدن اتخذت أي إجراء ضد الحارس أو القنصلية الصينية في نيويورك.
وقالت مورا موينيهان، ابنة السيناتور الأمريكي الراحل دانيال موينيهان، لـ "جيتستون": "لسنوات نظمنا احتجاجات أمام القنصلية وتجاهلونا، لكنهم الآن جريئون جدا لأنهم يعرفون أنهم يستطيعون أن يفعلوا ما يحلو لهم وأن وزارة الخارجية لن تفعل شيئا".
ويقول تشانج إنه من حسن الحظ أن المواقف الأمريكية تزداد صلابة، وإن كانت متأخرة. على سبيل المثال، في 20 تشرين الأول/أكتوبر، كشفت وزارة العدل عن لوائح اتهام ضد تشوانتشونج آن وابنته وخمسة مواطنين صينيين آخرين لمراقبة ومضايقة مقيم في الولايات المتحدة وابنه.
ويقال إن المتهمين كانوا جزءا من عملية بكين سيئة السمعة "فوكس هانت"، وهي محاولة طويلة الأمد لإجبار الأفراد على العودة إلى الصين.
وقبل لوائح الاتهام الأخيرة، غالبا ما كانت الحكومة الأمريكية تطلق سراح العملاء الصينيين وتكتفي بتحذير فقط، وأحيانا بسبب تدخل وزارة الخارجية. ولم يتم تسجيل ذلك ولكنه معروف بين مراقبي الصين.
إن إنفاذ القانون أمر ضروري، ولكنه بالكاد يكون ردا على حملات الصين الضخمة ضد الولايات المتحدة. فعلى سبيل المثال، ألقي القبض على اثنين فقط من المدعى عليهم الذين وجهت إليهم لوائح اتهام الشهر الماضي.
ويعتقد أن الخمسة الباقين موجودون في الصين. و من المرجح أن يظلوا بعيدين عن متناول العدالة الأمريكية.
ويتمثل أحد الحلول في حرمان المخطئين الصينيين من الملاذات الآمنة التي يتمتعون بها في أمريكا، والملاذات الآمنة الرئيسية للصين هي سفارتها وقنصلياتها.
ويقول تشانج إنه في تموز/يوليو 2020 ، أغلقت وزارة الخارجية في عهد مايك بومبيو قنصلية الصين في هيوستن.
ويضيف: "لقد حان الوقت الآن لإغلاق القنصليات المتبقية في شيكاغو ولوس أنجليس ونيويورك وسان فرانسيسكو وإعادة جميع موظفي سفارة واشنطن العاصمة تقريبا إلى بلادهم".
وسوف ترد الصين بإصدار أمر بالإغلاق المتبادل للقنصليات الأمريكية الأربع في الصين في قوانجتشو وشنغهاي وشنيانج ووهان وخفض عدد موظفي السفارة.
ورأى تشانج أن مثل هذه الإجراءات ستحرم الأمريكيين والشركات الأمريكية من الخدمات. ومع ذلك، فإن الحرمان من الخدمات القنصلية سيكون في مصلحة أمريكا. ولأسباب تتعلق بالسلامة الشخصية والأعمال والاستراتيجية والأمن القومي والأسباب الأخلاقية، لا ينبغي للأمريكيين أن يكونوا في الصين في هذا الوقت. إن نهاية مثل هذه الخدمات ستشجع الأمريكيين على القيام بشيء ينبغي لهم أن يفعلوه بمفردهم، وهو مغادرة الصين.
ويقول إن الصين تستخدم كل نقطة اتصال لمحاولة إسقاط أمريكا، والآن أصبحت المؤسسات الأمريكية غارقة في هذه الهجمات. وقد يبدو الأمر جذريا بالنسبة للبعض، لكن بقاء الحرية والديمقراطية في أمريكا يعتمد بشكل حاسم على إخراج النظام الصيني من الولايات المتحدة.