جريدة الديار
الخميس 21 نوفمبر 2024 08:27 مـ 20 جمادى أول 1446 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

الفطر المهلوس.. جدل حول علاج جديد للاكتئاب

حققت دراسة حديثة اختراقا بشأن إمكانية استخدام المخدرات المهلوسة، وتحديدا الفطر المهلوس، في علاج أعراض الاكتئاب للحالات المستعصية.

وتعد الدراسة التي نُشرت في مجلة NEJM العلمية أكبر تجربة سريرية أجريت على الإطلاق لتقييم تأثير مادة السيلوسيبين، وهي مادة ذات تأثير نفسي موجودة بشكل طبيعي في الفطر المهلوس.

وأجريت على السيلوسيبين الذي لا يسبب الإدمان دراسات تتعلق بأمراض أخرى، كإجهاد ما بعد الصدمة وفقدان الشهية والقلق والإدمان. وأقرت ولاية أوريجون عام 2020 الاستخدام العلاجي للسيلوسيبين. كذلك أقرّت كندا حالات يمكن فيها استثنائياً استخدامه في العلاج.

وبيّن الباحثون، أن جرعة واحدة من 25 ميليجراماً قللت من أعراض الاكتئاب لدى الأشخاص الذين لم تنفعهم علاجات تقليدية أخرى. وتشير التقديرات إلى أن نحو 100 مليون شخص في كل أنحاء العالم يعانون الاكتئاب المقاوم للعلاج، ومن هذا المنطلق قد تكون المخدرات المهلوِسَة طريقة لمساعدتهم.

واختبر الباحثون نسخة اصطناعية من السيلوسيبين طورتها شركة "كومباس باثواي" الناشئة التي مولت أيضاً هذه التجارب.

وشارك في الدراسة ما مجموعه 233 شخصاً في عشر دول (أوقفوا أي علاج آخر يتلقونه)، وتلقوا أيضاً دعماً نفسياً. وقُسّم هؤلاء عشوائياً إلى ثلاث مجموعات، تلقى أعضاء أولها ميليجراماً واحداً، وأعضاء الثانية عشرة ميليجرامات، وأفراد الثالثة 25 ميليجراما.

وكانت جلسات العلاج تعقد في غرفة مخصصة وتدوم ما بين ست وثماني ساعات، ولم يكن المشاركون يُتركون وحدهم إطلاقاً خلالها. وقال بعضهم إنهم شعروا وكأنهم انغمسوا في "حالة مماثلة لحلم" يمكن للمرء أن يتذكره، على ما أوضح المعدّ المشارك للدراسة جيمس راكر خلال مؤتمر صحفي.

ولاحظت الدراسة أن الآثار الجانبية، من صداع وغثيان وقلق وسوى ذلك، كانت بشكل عام معتدلة وتنتهي بسرعة.

وبعد ثلاثة أسابيع، بدا أن ثمة تحسناً ملحوظاً في وضع المرضى الذين تلقوا 25 ميليجراما مقارنة بمن تلقوا جرعات أقل، وفقًا لمقياس معياري للاكتئاب. ودخل أقل بقليل من 30 في المائة منهم في حالة تعافٍ، بحسب موقع "يورو نيوز".

ورأى أستاذ الطب النفسي في جامعة إدنبره أندرو ماكنتوش الذي لم يشارك في إعداد الدراسة، إن خلاصاتها بمثابة "أقوى دليل حتى الآن على الحاجة إلى إجراء تجارب أكبر وأطول لتقييم المخدرات المهلوسة، وأن السيلوسيبين يمكن (يوماً ما) أن يوفر بديلاً محتملاً لمضادات الاكتئاب التي توصف منذ عقود".

تهدف هذه التجارب التي أطلق عليها تسمية المرحلة الثانية إلى تحديد الجرعة وتأكيد وجود تأثير مناسب. ومن المتوقع أن تبدأ هذا العامة تجارب المرحلة الثالثة التي ستشمل عدداً أكبر من المشاركين، وتمتد إلى 2025.

وبدأت شركة "كومباس باثواي" الناشئة التواصل مع وكالة الأدوية الأمريكية "إف دي إيه" والجهات التنظيمية الأخرى في أوروبا.

ورأى أستاذ علم الأدوية النفسية في لندن أنتوني كلير الذي لم يشارك في الدراسة، أنه لا تتوافر بيانات كافية بعد عن "الآثار الجانبية المحتملة، وخصوصاً لجهة ما إذا يمكن أن تزداد الأعراض سوءاً لدى بعض الأشخاص".

وسُجّل خلال التجارب سلوك انتحاري لدى ثلاثة من المشاركين الذين تلقوا جرعات 25 ملليغراماً، فيما لم تُرصد أي حالات مماثلة في المجموعتين الأخريين.

لكنّ حالات السلوك الانتحاري لم تظهر إلا بعد أكثر من 28 يوماً من العلاج، على ما أوضح جي جودوين، أستاذ الطب النفسي في أكسفورد والمسؤول في "كومباس باثوايز". وأضاف "فرضيتنا هي أن هذا الاختلاف يرجع إلى الصدفة، لكننا لن نتمكن من معرفة صحة ذلك إلا بإجراء المزيد من التجارب".

كذلك لم تتضح بعد صورة التأثير على المدى الطويل، إذ تلاشى أثناء متابعة المشاركين بعد ثلاثة أشهر. وقد تكون ثمة حاجة إلى تكرار الجرعات. وقال جودوين إن جرعتين ستُختبران في التجارب المقبلة.

ويوجد نحو 200 نوع من الفطر المهلوس تحتوي معظمها على مواد كيميائية تؤثر على الدماغ مثل المخدرات، وتنمو أغلبيتها في المناطق المعتدلة في الغابات الصنوبرية، غير أنها استقدمت إلى مناطق أخرى حول العالم، ولعل أشهرها عيش الغراب "أمانيت الطائر" ذو اللون الأحمر مع النقاط البيضاء.