شاكر بوعلاقي للديار: ”الأنثى والحب” جدلية إنسانية لن تنتهي بعد
تدور شاعريته في فلك الحب وتذوب نصوصه في أنهار الغزل حتى لقب بشاعر المرأة، يسافر الشاعر الجزائري بين متعاركاتِ الشيء وضده، ويهتم بطرح القضايا الإبداعية، والتي تشتمل ذكريات الحب والفرح، والغزل والعشق، ورغم عراقيل الحياة إلا أنه لا يكل من الكتابة منذ الطفولة.
يجتهد الشاعر "شاكر بوعلاقي" لتقديم كل ما هو راق، مستوحيا عالمه الأدبي من حكايات واقعية ولذلك يقدم رسائل أدبية هادفة وواضحة.
ألف العديد من الأغنيات العربية بمختلف اللهجات، ويعرف بأنه أول شاعر جزائري يكتب باللهجة المصرية، وكتب أيضا باللهجة الخليجية، اللبنانية، والجزائرية بطبيعة الحال.
تشكلت ثقافته الفنية وتعلم الحب من خلال سماعه لعبد الحليم، وأم كلثوم فتفجرت به موهبة الكتابة، ومن أهم مؤلفاته ديوان شعر (مملكة العشاق)، (اعترافات إمراه عاشقة)، (أنا والحب والمطر)، كما هو عضواً في اتحاد الكتاب الجزائريين، ووزارة الثقافة الجزائرية واتحاد الأدباء الدولي في الولايات المتحدة الأمريكية، والرابطة العربية للآداب والثقافة في الجمهورية العراقية، وكذلك عضوا بجمعية المؤلفين والملحنين وناشري الموسيقى "ساسيم" بباريس.
حصل على الدرع الإبداعي الذهبي من مؤسسة واد النيل للنشر والمركز الأول في جائزة الأيام الأدبية للإبداع سنة 2015، والمركز الثاني في مسابقة أجمل قصيدة من جامعة بسكره سنة 2016، وله العديد من المؤلفات الشعرية والروائية.
إلتقت "الديار" بالأديب الجزائري شاكر بوعلاقي واقتربت من جغرافيا حياته ودخلت عالمه الأدبي، و تاليا نص الحوار.
كوكب الشرق وعبد الحليم حافظ علماني الحب
بداية، ماذا تقول عن الأديب شاكر بوعلاقي؟
أولاً: دعيني أشكرك على هذه المقابلة، وعلى هذا الحوار الذي سيكون مشوقاً، وأنا أتحدث معك بكل ثقة؛ لأنك صحفية خلوقة وإنسانة فوق الوصف بمعنى الكلمة.
اسمي شاكر بوعلاقي: شاعر وكاتب أغاني وروائي جزائري من مواليد عام 1981، وصدر لي مجموعات شعرية مثل: (مملكة العشاق ـ واعترافات امرأة عاشقة ـ وأنا والحب والمطر).
ومؤخرا صدرت روايتي الأولى "الأنثى والحب"، وتم ترشحي لعدة جوائز أدبية منها: كثارا، لوتس (القائمة الطويلة)، منفه للآداب العربية.
لم أجد الحياة كما أريد لكن بالإصرار والعزيمة تمكنت من تحقيق ما أصبو إليه
- لكل أديب حكاية تدفعه لعالم الأدب.. فكيف كانت البدايات ومن الذي آمن بك ومن ثم ساندك؟
عندما بدأت أحسّ بتناغم مشاعري، وأحاسيسي مع أذنيّ لدى تلقيها معاً لأنغام عذبة وألحان رقيقة وقصائد مبعثرة في ملكوت الحسّ العميقة.
عالم الكتابة والأدب والاستماع إلى أغاني عبد الحليم حافظ، وأم كلثوم ووردة الجزائرية وفايزة أحمد وغيرهم من الفنانين الكبار من الزمن الجميل وجيل التسعينات هو مَنْ شدّني إليه بلطف وحنان منذ تجاوزي للسّنوات الأولى من عمري وانتسابي إلى المدرسة وتعلّمي الأبجدية العربية في مدرستنا ومن أسرتي التي كانت تهتم با لشعر والفن اهتماماً كبيراً، فتشكّلت بيني وبين هذا العالم أو عندما وجدت نفسي حينما كنت اتمشى في إحدى الطرقات التي أطلق عليه اسم طريق البدايات أو طريق العاشقين لأني كتبت فيه جميع أغنيات وأنا أغني أغنية لعبد الحليم حافظ فجأة وجدت نفسي أقول شعر من كلامي أحسست لحظتها أنني ملكت الدنيا كلها أو كعصفور تحرر من القفص، هنا أدركت أنني سأصبح في يوم من الأيام أديباً.
الشاعرية هي الحبل السوري بين فن الشعر والرواية
-لكلٍ منا صعوبات في مسيرته.. فما الصعوبات التي واجهتها؟ وكيف تعاملت معها؟
هذا صحيح فلكل واحد منا في بدايات مشواره واجه صعوبات في طريقه سواء كانت مادياً أو معنوياً بالمختصر المفيد لا أحد وجدها كما يريد هو، ولكن مع الإيمان بالله والإصرار والعزيمة تمكنت من تحقيق ما أصبو إليه.
- إذن كيف يمكن أن يتوفر للكاتب التوازن بين العزلة المُلهمة وبين التفاعل والاحتكاك مع الطبيعة والحياة بشكل عام والجمهور من جهة أخرى من أجل الكتابة والخروج بعمل قوي؟
أن يخصص جزء من وقته لنفسه وقلمه حتى يستطيع أن يكتب، وبعد ذلك يتفاعل مع المجتمع المحيط به وأن يتواصل مع جمهوره من خلال نشر قصائده وروايات على الجرائد والمنصات.
-روايتك (الأنثى والحب) أخر إصدار روائي لك، حدثني عنها، وما هي الرسالة التي تود إيصالها للقارئ؟
تدور أحداث الرواية داخل جدلية إنسانية لن تنهي بعد، تحملها قصة حب بين شاب يدعى خالد وفتاة تدعى أمينة يتقدم خالد لخطبتها، ولكن والدها يرفض زواجهما بسبب طمعه من أجل السلطة لكن الحب يكون أقوى من السلطة والنفوذ فيقررا العاشقان أن يهرب معاً إلى أبعد مكان ويتزوجا.
أما عن الرسالة التي أريد ايصالها للقارئ أن يتمسك بمبادئه وبمن يحب حتى آخر لحظة من عمره مهما كانت الظروف فالحب الحقيقي دائما هو المنتصر في الأخير.
- لقبت بشاعر المرأة وصدر لك مجموعات شعرية منها: "مملكة العشاق"، و"اعترافات امرأة عاشقة".. أخبرنا عن تجربتك الشعرية؟
الشعر موهبة لم أتوقع يوماً أني أملكها رغم أني كنت أحب اللغة العربية منذ الطور الإبتدائي حتى الثانوي، لكن أن أكتب الشعر شيء لم يخطر على بالي أبدا المهم منذ ذاك الحين وأنا أكتب ما يجول في خاطري
نعم! إن الشعر عادة ليس له وقت يطرق فيه باب الخاطر، لكنه عادة يهطل في وقت استرخاء الذهن والبال، إنه يأتي بعض الأحيان قبل المنام فيسرق النوم من الجفون، ويطيل الليل في السهر معه، جميل أن تحتفظ بورقة وقلم بجانبك، تحتاج للتعمق في مجال الشعر كي يستقيم شعرك على الطريقة الصحيحة.
- هل تؤمن بأن الشعر والرواية يتصلا بحبل سري رافد؟
- بالنسبة لعلاقة الرواية بالشعر بشكل عام فإنها تظهر جلية من خلال مشاهد مختلفة تكون اللغة الشعرية هي المحور الرئيسي فيها، والتي يكون الشعر حاضراً من خلالها في فضاء العبارة السردية، أو الصورة التي تجسد حالة التعبير الإنساني الخلاّق الذي يسعى للخروج بالرواية من أنفاق الشروط والتراكيب التقليدية، التي تعكس سرداً باهتاً ومملاً لدى أكثر الروائيين. ويقول الناقد الفرنسي جان إيف تاديي في كتابه (القصة الشعرية):" إن كل رواية هي بقدر ما قصيدة، وكل قصيدة هي في بعض الدرجات قصة"، حيث قام اختزال الشعر مع أرسطو بتعزيز العلاقة بين الشعر والسرد حتى القرن الثامن عشر ثم نشأت القطيعة في فرنسا في أواخر القرن التاسع عشر وتداعمت في القرن العشرين.
- هل ترى أن للرواية وظيفة؟ وهل هي لطرح الواقع العام أم كسر التابو أم التحليل أم ماذا؟
أعتقد أن مهمتها تتمثل في كل هذا وأكثر، فقد تعالج أيضاً واقع الحياة الإنسانية، في الزمان والمكان، في المعلوم والمجهول، وكذا محاولة التقاط كل اللحظات الإنسانية، سعياً منها للبحث عن جوهر ما، معنى لحياة إنسانية أقل تعاسة.
- كم يستغرق من وقت الكاتب حتى ينتهي من تداعيات عمل أدبي انتهى ومن ثم الولوج لعمل آخر؟
على حسب الفكرة، قد تستغرق الرواية شهور أو عام أو عامين.
-كيف تقيم هذه الجملة "المرأة حظ العالم"
- أجل هذا صحيح المرأة ليست حظ العالم فقط، بل هي مرآة العالم التي نرى بها الأشياء الجميلة ونتحدى بها صعوبات الحياة، المرأة هي الحظ هي البسمة هي النور الذي نرى به عتمة الطريق، هي النجاح، هي أجمل شيء وهبها الله لنا.
- حدثنا عن ثنائية الحب / المرأة
- الحب أفضل وأجمل الأشياء في العالم، وتخص مشاعره القلب فقط. أما دور المرأة في الحب فهي العمود الأساسي في كل شيء تفعله هي التي تحرك مشاعرنا من نظرة أو ابتسامة أو كلمة جميلة تقولها حتى نبدع في كتاباتنا باختصار لا شيء نكتبه إلا وكانت المرأة حاضرا فيه.
- تعاني الرواية بصفة عامة في السنوات الأخيرة من تراجع كبير في نسبة المقروئية، رغم الزخم الكبير للروايات في الجزائر.. في اعتقادك إلى ما يعود ذلك؟
- بصفتي روائي أولا، ثم بصفتي شاعر وكاتب أغاني، أرى أن المجتمع يعاني من فقدان تذوق لقراءة، ويعود ذلك إلى غياب الوعي عن مدى أهمية القراءة في حياة الفرد، ما يؤدي إلى فقدان الرغبة في القراءة الهادفة والبناءة، بسبب انتشار الهواتف الذكية وشبكات التواصل الاجتماعي، ما يبعد الناس عن القراءة والمطالعة. بالطبع، لا يجب علينا التغافل عن تناسي أولياء الأمور لدورهم في توجيه الأبناء نحو المطالعة، نفس التناسي الذي تعاني منه المدارس، لكن يبقى هناك قراء متمسكون بالكتاب وأوفياء له، رغم مشاكل التوزيع وغيرها من العقبات. أكبر دليل على هذا الإقبال الكثيف على معارض الكتاب وحصص البيع بالإهداء. أتباهى دائما بهذه الشبيبة المتطلعة والمتعطشة لعالم الكتاب.
- كيف تقيم ثقافة القارئ الجزائري؟
- أقل ما يمكن قوله إننا أمام جمهور ذكي ومهتم بالأدب والكتابة.
متطلب لما هو أفضل دائماً، خاصة أنه بفعل التكنولوجيا الحديثة، يمكن اقتناء إية رواية بسهولة، ما يجعله دائم المقارنة بما يتم انتاجه وطنيا وعالميا. هذا يدفع الكاتب إلى السعي الدائم نحو الأفضل، ليكون على قدر تطلعات القراء. في الوقت ذاته.
- الاهتمام بالروائي في الجزائر من طرف وزارة الثقافة ضئيل جدا خصوصا من ناحية الدعم، كروائي.
وماهي الرسالة التي تقدمها إلى السلطات الوصية؟
- أرى أنه من واجب السلطات الوصية تشجيع الكتاب والناشرين، فغلاء سعر الكتاب يعود بالسلب على إمكانية اقتنائه من طرف القارئ، كما أن قضية التوزيع التي تعاني منها أغلب دور النشر تؤثر على كمية الاستهلاك لذا يجب تشجيع الإنتاج الأدبي، فهناك العديد من المواهب الشبانية التي تستحق كل التشجيع والمرافقة والدعم.