رحيل الشاعر ”رمضان عبد العليم” صاحب ديوان ”التحيات للنيل”
رحل عن عالمنا فجر اليوم، الشاعرالكبير رمضان عبد العليم، صاحب ديوان "التحيات للنيل"، بعد صراع طويل مع المرض، حيث أنه تعرض لأزمة صحية منذ شهور، على إثرها عكف لفترة في المستشفى، خاضعا للغسيل كلوي.
وُلد رمضان عبدالعليم في أرمنت عام 1954، وبدأ حياته الشعرية مبكرا، ويعد الشاعر من أشهر شعراء العامية وخصوصا في الجنوب، وأكثرهم حضورا للأمسيات الشعرية والمهرجانات، مؤمنا بفكرة التفاعل الجماهيري والشعر الشفاهي، ويتميز الراحل بتجربته تلك عن مجاليه.
وتكمن المفارقة في تأخره كثيرا في نشر أعماله الشعرية، جيث كانت باكورة أعماله الشعرية عام 1996، وقد نشر ديوانين دفعة واحدة هما "مشاوير عبدالصبور"، و"الفاتحة للنيل"، وتوقف عن نشر أعماله، وبعد 13 عام تقريبا، وسنة 2009 نشر ثلاث مجموعات شعرية دفعة واحدة، هي: "عطش الفرات"، "الغيم الغريب"، "الصلاة على الأسرى"، توقف الشاعر مرة أخرى عن طبع أعماله كعادته حتى سنة 2021. حيث أصدر مجموعته الشعرية السادسة، "التّحيّاتُ للنّيل".
يؤمن الشاعر رمضان عبد العليم بأن أذن المتلقي هي منتهى النص وبأن العامية المصرية تتجلى في الأداء الشفاهي أكثر، معتمدا في ذلك على اللغة التي يتكلم بها الناس من حوله، لا اللغة التي يقرأون ويكتبون بها والتي تخاطب حاسة البصر، ويبدو أن تلك العقيدة هي التي أبطأت صدور دواوينه بالشكل الاعتيادي أو المتعارف عليه.
اختلطت دماؤه بدماء ثورة يوليو 52 وكان حلمه الأشمل يسيطر عليه وعلى عمله السياسي فالحلم الناصري في توحيد عالم عربي كبير كان حجر زاوية مشروعه الذي تبناه شاعرنا وحرص على تحقيقه في الشارع السياسي وفي الشعر أيضا، رمضان عبد العليم شاعر راهن بحياته على حب الوطن، لم يتاجر بنضاله وكفاحه ولم يتكسب من شاعريته وثوريته كما فعل الكثيرون لتحقيق مكاسب شخصية وقع في شباكها الكثير من رفاقه، بينما ظل على نقائه الثوري.
والشاعر رمضان عبدالعليم، أحد قيادات التيار الناصري في صعيد مصر تحديدا في محافظة الأقصر، وقد سبق له خوض انتخابات مجلس الشعب، وكان ذلك في مواجهة مرشحي جماعة الإخوان، حيث برز اسمه بعد مشاركته في ثورة 30 يونيو، وتم ترشيحه من جانب القوى الوطنية لتولي منصب محافظ الأقصر، استنادا إلى تاريخه السياسي ورصيده في العمل العام لسنوات عديدة.
ترتكز تجربة رمضان عبد العليم الشعرية حول النيل كما نرتكز نحن المصريين حوله منذ آلاف السنين، وبالنظر لعناوين دواوينه تنكشف هذه المركزية عن حضوره كرمز للحياة والتعايش، مثلا ديوانه "الفاتحة للنيل" وديوانه "التحيات للنيل"، وتنغلق نصوص هذه الدواوين على القضايا المصرية، ويتسع نطاق قوميته العربية في ديوانه "عطش الفرات" ليشمل قضايا عربية عالقة في حيز مائي تطفو من أعماقه الشعر.