بعد الرحيل .. ميخائيل جورباتشوف اسطورة اخر زعيم للاتحاد السوفيتي
لم يندمل بعد جرح 21عام مضت على انهيار الاتحاد السوفيتي والذي رحل زعيمه الاخير ميخائيل جورباتشوف عن الدنيا، تاركا خفه قصص عن اكثر زعماء السوفيت إثارة للجدل، والذي حمله الكثير من الروس مسئولية إنهيار الإتحاد السوفيتي نتيجة سياساته ، فيما أعتبره البعض خائن و موالي للغرب.
مولد جورباتشوف
ولد ميخائيل جورباتشوف في 2 مارس 1931، لسيرجي أندرييفيتش جورباتشوف وماريا بانتلييفنا جورباتشوفا ، حيث كان يعمل والده في جمع المحاصيل ، بجانب أنه كان أحد المحاربين القدامى في الحرب العالمية الثانية.
وتميز ميخائيل بقدرته على التعلم والتدريب الذاتي ، فقد استطاع إنهاء دراسته الثانوية بمرتبة شرف، حيث حصل على الميدالية الفضية عند تخرجه من مدرسته الثانوية، والتحق بجامعة موسكو ودرس القانون وتخرج من الجامعة في عام 1950 ، كما حصل على درجة الماجستير بالمراسلة من معهد ستافروبول للزراعة في عام 1967.
وفي عام 1953 تزوج ميخائيل جورباتشوف ، من رايسا تيتارينكو التي كانت زميلته أثناء دراسته في جامعة موسكو الحكومية ، وبعد أربع سنوات من زواجهما أنجب الزوجان طفلة أسمياها إيرينا.
دخول عالم السياسة
ويشار إلى أن جورباتشوف منذ شبابه أظهر ميلا للعمل في المجال السياسي، ومع تقدمه في السن ازداد شغفه بالعمل السياسي وأصبح عضوا بارزا في الحزب الشيوعي.
وكان جورباتشوف محسوبا على جيل جديد من الناشطين الحزبيين ، الذين ضاقوا ذرعا من الكهول الذين كانوا يحتلون قمة هرم السلطة في الاتحاد السوفييتي.
وأصبح ميخائيل جورباتشوف في عام 1961 أمين عام لعصبة الشيوعيين الشباب، كما اختير مندوبا للمشاركة في مؤتمر الحزب العام.
حيث أنه أصبح أصغر عضو في المكتب السياسي عام 1979،وفي عام 1985 توفي الزعيم السوفيتي قسطنطين تشيرنينكو بعد قضائه عاما واحدا في منصبه، ليتولى ميخائيل جورباتشوف و يصبح أصغر زعيم للاتحاد السوفيتي.
ويذكر أن جورباتشوف عمل أثناء فترة حكمه إلى إصلاح الحزب واقتصاد الدولة ، وذلك عن طريق إدخال مفاهيم الانفتاح وإعادة الهيكلة والديمقراطية والتنمية الاقتصادية ، حيث كان يري إن البلاد في حاجة إلى البيروسترويكا (أو إعادة الهيكلة).
سقوط الإتحاد السوفيتي
واعتماد اللامركزية في الاقتصاد والتي عرفت باسم سياسة "جلاسنوست"، الأمر الذي يعتقد أنه كان من أسباب سقوط الشيوعية وانهيار الاتحاد السوفيتي في عام 1991.
أما سلاحه الآخر لمحاربة الركود الذي ضرب النظام، فكان تطبيق الديمقراطية ، ولأول مرة جرت انتخابات حرة لاختيار نواب مجلس الشعب.
كما سمحت سياسته في الانفتاح، للناس بانتقاد الحكومة بطريقة لم يكن من الممكن حدوثها في السابق، بالإضافة للشفافية في أنشطة جميع المؤسسات الحكومية في الاتحاد السوفيتي، بالإضافة إلى منح المواطنين السوفيت حرية الحصول على المعلومات.
إلا أن ذلك أطلق العنان للمشاعر القومية والانفصالية في العديد من مناطق البلاد، مما أدى في النهاية إلى انهيار الاتحاد وانفصال الجمهوريات.
تكريم جورباتشوف بنوبل
والجدير بالذكر أن في 14 أكتوبر عام 1990، تم منح زعيم الاتحاد السوفيتي ميخائيل جورباتشوف، جائزة "نوبل للسلام".
وقد تم ذلك ، على أثر "دوره القيادي في إحلال السلام، الذي تتمتع به اليوم أجزاء هامة من المجتمع الدولي"، حيث أشادت لجنة نوبل في بيان رسمي بالتغييرات التي قام بها الزعيم السوفيتي ، كما أشارت إلى أنه ساهم في " تخفيف حدة التوتر بين الشرق والغرب، وتباطؤ سباق التسلح".
ويذكر أيضا أنه في عام 2008، قام مركز الدستور الوطني الأمريكي، وعلى يد الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش "الأب"، بمنح ميخائيل جورباتشوف "وسام الحرية" لدوره "الشجاع" في إنهاء الحرب الباردة، وكانت مراسم الفعالية ضمن الاحتفال بالذكرى الـ 20 لسقوط "جدار برلين".
جورباتشوف والغرب
أما عن علاقات آخر زعماء الاتحاد السوفيتي مع الغرب ، فقد تميزت بأنها علاقات ودية بشكل كبير ، حيث أن جورباتشوف جعل الاتحاد السوفييتي أقرب إلى الغرب ، من أي مرحلة منذ الحرب العالمية الثانية.
فقد قام ميخائيل جورباتشوف بإبرام اتفاقات مع الولايات المتحدة من أجل الحد من الأسلحة ، كما أقام شراكات مع القوى الغربية لإزالة الستار الحديدي الذي قسم أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، كما لعب دورا في إعادة توحيد ألمانيا.
وخلال فترة حكمه دعا جورباتشوف إلى مزيد من التعاون بين بلاده و عموم أوروبا، وتحدث علنا عن "وطن أوروبي مشترك" ، وأوروبا "من المحيط الأطلسي إلى جبال الأورال" ، بحسب قوله.
فيما يعتبره الغرب على أنه مهندس الإصلاح الذي خلق الظروف لنهاية الحرب الباردة في عام 1991، وقت التوترات العميقة بين الاتحاد السوفيتي والدول الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا.
وعلى أثر تقارب جورباتشوف الكبير للغرب ، فقد واجه في السنوات الأخيرة اتهامات عدة بتسببه في انهيار الاتحاد السوفيتي، بلغت ببعض نواب مجلس الدوما الروسي إلى المطالبة بمقاضاته، مؤكدين أن مواطني الاتحاد السوفيتي أبدوا خلال الاستفتاء الرغبة في الحفاظ على وحدة الدولة، لكن القياديين السوفييت قاموا بنشاط غير قانوني أدى الى انهيار البلاد.
محاولات العودة للحياة السياسية
ويذكر أن سبق و حاول جورباتشوف للعودة إلى الحياة السياسية في عام 1996 ، إلا أن هذه المحاولة باءت بالفشل حيث حصل على 0.5 % فقط من الأصوات في الانتخابات الرئاسية.
ويشار إلى أن ميخائيل جورباتشوف بعد فترة حكمه، أسس الحزب الاجتماعي الديمقراطي في روسيا، إلا أنه استقال منه في عام 2004، وبعد ثلاث سنوات شكل حزب جديد يدعى اتحاد الديمقراطيين الاجتماعيين، إلا أن كل محاولات للعودة إلى الحياة السياسية في روسيا لم تؤتي بثمارها.
رحيل جورباتشوف
وقد توفي الزعيم السوفيتي السابق ميخائيل جورباتشوف، عن عمر يناهز 91 عاما ، و ذلك في المستشفى المركزي التابع للرئاسة الروسية .
وبحسب بيان رسمي صادر عن المستشفى ، فإن جورباتشوف فارق الحياة " وبعد صراع طويل مع مرض خطير، توفي ميخائيل سيرجي جورباتشوف".