”النقض” تحسم الجدل حول حجب المواقع الإلكترونية المخالفة للقوانين
أصدرت محكمة النقض، مؤخرًا حكمًا قضائيًا انتهت فيه إلى عدم اختصاص وزير الداخلية بتنفيذ أوامر حجب المواقع الإلكترونية المخالفة للقوانين من على شبكة الإنترنت، وانعقاد الصفة والاختصاص بتنفيذ تلك الأوامر إلى الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، لتقر بذلك مبدأ قانونيًا نقضت به حكم أصدرته إحدى المحاكم الاقتصادية، ويسري على جميع الأوامر المشابهة الصادرة من جهات التحقيق والقضاء.
وقالت محكمة النقض في حكمها إن حجب المواقع الإلكترونية هو أحد آليات مراقبة تنفيذ تراخيص تقديم خدمات تقنية المعلومات التى منحها المشرع لجهاز تنظيم الاتصالات، والغرض منه ضبط سلوك مستخدمى هذه الشبكة ومنع آثار الجرائم، وإن إجازة القانون لأجهزة التحرى والضبط المختصة –فى حالة الاستعجال- إبلاغ الجهاز لإخطار مقدم الخدمة على الفور بالحجب المؤقت للموقع، لا يغير من انحسار عمل هذه الأجهزة على جمع الاستدلالات وضبط الجرائم ومرتكبيها.
وقائع القضية التي صدر الحكم بشأنها تعود إلى رفع رئيس مجلس إدارة إحدى الشركات التجارية دعوى أمام محكمة استئناف طنطا الاقتصادية طالب فيها بحجب موقعين إلكترونيين لاستغلالهما العلامة التجارية المملوكة له، مما أدى لخلق انطباع مضلل لدى المستهلكين بتبعية الموقعين للشركة وهو ما يعد عمل من أعمال المنافسة غير المشروعة التى أصابتها بأضرار، كما طالب بتعويض مادي وأدبي قدره مليون جنيه.
ندبت المحكمة خبيرًا في الدعوى انتهى تقريره إلى قيام منافسة غير مشروعة لوجود تشابه بين نشاط وعلامات الشركة والموقعين المشار إليهما ما من شأنه خداع جمهور المستهلكين، وعلى ذلك قضت المحكمة بإلزام وزير الداخلية بصفته بحجب الموقعين المصطنعين من على شبكة الانترنت.
لم يلق الحكم قبول وزير الداخلية، فتقدم بطعن عليه أمام محكمة النقض ناعيًا فيه مخالفته للقانون والخطأ فى تطبيقه مما يستوجب نقضه لانتفاء صفته فى ذلك، وانعقاد الصفة للجهاز القومى لتنظيم الاتصالات باعتباره المختص بإخطار مقدم الخدمة بالحجب وفقًا للمادة ٧ من القانون رقم ١٧٥ لسنة ٢٠١٨ فى شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات والذى تخضع لإشرافه كافة الشركات مقدمة خدمة الانترنت عملاً بالقانون رقم ١٠ لسنة ٢٠٠٣ بشأن تنظيم الاتصالات.
رأت محكمة النقض سداد الدفع المقدم من الطاعن وزير الداخلية، وقالت إن المشرع اعتبر الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات بمثابة وسيط بين جهتى التحقيق والقضاء من ناحية ومقدمو خدمات تقنية المعلومات من ناحية أخرى، باعتبار أن الجهاز هو مصدر تراخيص إنشاء شبكات الاتصالات وتقنية المعلومات وتشغيلها والمختص بمراقبة تنفيذها وتقديم خدماتها طبقاً للقانون، فيتوافر لديه العلم الكافى ببيانات مقدمى الخدمات فيكون هو الأقدر والأسرع فى إبلاغها بما يصدر فى حقها من قرارات حجب مواقع إلكترونية.
وأضافت النقض إن حجب المواقع الإلكترونية من على شبكة المعلومات الدولية يعتبر أحد آليات مراقبة تنفيذ تراخيص تقديم خدمات تقنية المعلومات التى منحها المشرع للجهاز القومى لتنظيم الاتصالات، والغرض منه هو ضبط سلوك مستخدمى هذه الشبكة ومنع آثار الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، والتى من ضمنها جريمة اصطناع موقعًا إلكترونيًا ونسبته زورًا إلى شخص طبيعى أو اعتبارى، والمعاقب عليها بالمادة ٢٤ من القانون، وهو الأمر الذى يبيح لصاحب الشأن (المضرور) اللجوء لجهات التحقيق المختصة بشكواه بشأنها، فضلاً عن أن الإبلاغ بأمر الحجب الصادر من الجهة صاحبة الاختصاص، يوجه إلى الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات لإخطار مقدم الخدمة لتنفيذه.
وعما أجازه القانون لأجهزة التحري التابعة لوزارة الداخلية بشأن حجب المواقع، أوضحت محكمة النقض أنه أيًا كانت الإجراءات التى تطلبها القانون فإن الاختصاص بتنفيذ أمر حجب المواقع المصطنعة من على شبكة الانترنت ينحسر عن وزير الداخلية وتنتفى صفته فى ذلك.
وأضافت بأنه لا يغير من ذلك إجازة القانون لأجهزة التحرى والضبط المختصة –فى حالة الاستعجال- إبلاغ الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات لإخطار مقدم الخدمة على الفور بالحجب المؤقت للموقع، باعتبار أن عمل الأجهزة المشار إليها ينحصر بحسب الأصل فى جمع الاستدلالات وضبط الجرائم ومرتكبيها وأن أفرادها فى أدائهم لهذه الأعمال باعتبارهم مأمورى الضبط القضائى تابعين للنائب العام وخاضعين لإشرافه فيما يتعلق بأعمال وظيفتهم.
وانتهت محكمة النقض إلى أنه إذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وألزم وزير الدخلية بصفته بحجب الموقعين الإلكترونيين المصطنعين المبينين وصفًا وتفصيلاً بتقرير الخبير المنتدب من على شبكة الإنترنت، حال انحسار صفته واختصاصه بشأن ذلك على نحو ما تقدم، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه بما يوجب نقضه فيما قضى به فى هذا الخصوص، بما يعني عدم انعقاد الاختصاص بتنفيذ الحجب للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات وليس لوزير الداخلية.