جريدة الديار
الجمعة 7 مارس 2025 05:20 صـ 8 رمضان 1446 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع
رئيس جامعة دمنهور يقدم التهنئة بمناسبة اليوبيل الماسي للمجلس الأعلى للجامعات... خلال مشاركته بحفل الإفطار السنوي ”القومي لذوي الإعاقة” يعقد إجتماعان للجان النوعية في إطار إعداد الإستراتيجية الوطنية للإعاقة (2025-2030) وزيرة البيئة تترأس الإجتماع الـ ٦٥ لمجلس إدارة جهاز شئون البيئة إيقاف فرد أمن تعدى على سيدة بالضرب في مستشفى بدمياط حسام حبيب ضحية برنامج رامز جلال في حلقة اليوم وحدة الكلى والديلزة بمستشفى المنصورة الجامعي تحصل على اعتماد الجمعية الدولية لأمراض الكلى كمركز تدريب إقليمي بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حماس: تهديدات ترامب تشجع الاحتلال على نقض اتفاق الهدنة الإعدام شنقا لقهوجي لاتهامه باستدراج طفل وخطفه والتعدي عليه بشبرا الخيمة استشهاد فلسطيني وإصابة آخرين جراء قصف الاحتلال لحي الشجاعية روسيا : أي وجود عسكري غربي في أوكرانيا سيُعتبر غزواً جاكلين عازر: الأزهر الشريف منارةً لنشر قيم الوسطية وتعزيز الوحدة الوطنية الحكومة توافق على تفعيل منظومة ”الكارت الموحد” للدعم في بورسعيد

الشيخ أحمد علي تركي يكتب: مِنْ دُرُوسِ عِبَادَةِ الْحَجِّ

الشيخ أحمد علي تركي
الشيخ أحمد علي تركي

إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَخْبَرَنَا عَنْ دُرُوسٍ بَاهِرَاتٍ فِي هَذِهِ الْعِبَادَةِ الْعَظِيمَةِ مِنْ عِبَادَاتِ دِينِ الْإِسْلَامِ الْحَنِيفِ .

وَهَذِهِ الْعِبَادَةُ الْجَلِيلَةُ مَدْرَسَةٌ لَا تَنْقَضِي دُرُوسُهَا وَلَا تَنْتَهِي الِاسْتِفَادَةُ مِنْ مَعَالِمِهَا.

#مِنْ دُرُوسِ عِبَادَةِ الْحَجِّ :

#تَعَلُّمُ إِخْلَاصِ النِّيَّةِ :

هَذِهِ الْعِبَادَةُ الْعَظِيمَةُ تُعَلِّمُ الْإِنْسَانَ إِخْلَاصَ النِّيَّةِ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}

مِنَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ الَّذِي يَنْوِي فِيهِ الْحَاجُّ عَاقِدًا نِيَّتَهُ عَلَى الرَّحِيلِ يَأْمُرُهُ النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يُطِيبَ النَّفَقَةَ .

فعن أَبى هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ :

يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا الطَّيِّبَ وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ تَعَالَى :

{يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ۖ إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}

[المؤمنون: 51]

وَقَالَ اللهُ :

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ}

[البقرة: 172]

ثُمَّ ذَكَرَ الرَّسُولُ ﷺ :

الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَقُولُ : يَا رَبِّ ، يَا رَبِّ ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ .

مِنَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ الَّذِي يُرِيدُ فِيهِ الْإِنْسَانُ أَنْ يَحُجَّ إِلَى بَيْتِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ؛ عَلَيْهِ أَنْ يُخْلِصَ نِيَّتَهُ لِلهِ جَلَّ وَعَلَا فَالْحَجُّ يُعَلِّمُ الْمُسْلِمَ كَيْفَ يُخْلِصُ النِّيَّةَ لِلهِ وَأَنْ يُطِيبَ النَّفَقَةَ وَأَنْ يُحَصِّلَ مِنْ حَلَالٍ .

#مِنْ دُرُوسِ الْحَجِّ الْعَظِيمَةِ :

#حُسْنُ الْخُلُقِ وَضَبْطُ الْأَلْسِنَةِ :

النَّبِيُّ ﷺ عَلَّمَنَا أَنَّ مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ ؛ رَجَعَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ .

النَّبِيُّ ﷺ يُعَلِّمُنَا كَيْفَ يَضْبِطُ الْإِنْسَانُ لِسَانَهُ كَيْفَ يَسْتَطِيعُ الْإِنْسَانُ أَنْ يَكُونَ مُتَحَكِّمًا فِي جَوَارِحِهِ يَقُولُ الرَّسُولُ ﷺ :

مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ .

لِذَلِكَ يَأْمُرُنَا الرَّسُولُ ﷺ بِضَبْطِ اللِّسَانِ حَتَّى لَا تَقَعَ الْكَلِمَةُ إِلَّا عَلَى وَجْهِهَا الصَّحِيحِ .

#مِنْ دُرُوسِ الْحَجِّ طِيبِ الْكَلَامِ وَإِطْعَامِ الطَّعَامِ :

فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ :

الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ الْمَبْرُورَةِ مِنْ جَزَاءٍ إِلَّا الْجَنَّةُ .

قَالَ ﷺ :

الْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةَ .

قَالُوا : يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَا بِرُّ الْحَجِّ ؟

أى : كَيْفَ يَكُونُ الْحَجُّ مَبْرُورًا مَقْبُولًا عِنْدَ اللهِ جَلَّ وَعَلَا

قَالَ : إِطْعَامُ الطَّعَامِ وَطِيبُ الْكَلَامِ .

وفي رواية :

إِطْعَامُ الطَّعَامِ وَإِفْشَاءُ السَّلَامِ .

#بَيَانُ عِظَمِ حُرْمَةِ الدِّمَاءِ وَالْأَمْوَالِ وَالْأَعْرَاضِ :

النَّبِيُّ ﷺ كَانَ يَوْمًا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَنَظَرَ إِلَى الْكَعْبَةِ الْمُشَرَّفَةِ ثُمَّ قَالَ:

مَا أَطْيَبَكِ وَأَطْيَبَ رِيحَكِ !

مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ !

وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَحُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ حُرْمَةً مِنْكِ .

النَّبِيُّ ﷺ يَدُلُّ عَلَى حُرْمَةِ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ عِنْدَ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَأَنَّهَا أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ حُرْمَةً مِنَ الْكَعْبَةِ الْمُشَرَّفَةِ فِي حُرْمَتِهَا عِنْدَ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .

النَّبِيُّ ﷺ يَقُولُ :

لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ اشْتَرَكُوا فِي دَمِ عَبْدٍ مُسْلِمٍ لَكَبَّهُمُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ فِي النَّارِ .

الرَّسُولُ ﷺ كَانَتْ حَجَّتُهُ حَجَّةَ الْوَدَاعِ وَفِيهَا أَرْسَى ﷺ قَوَاعِدَ عَظِيمَةً جِدًّا ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ .

#إِعْلَانُ مَبْدَأِ الْمُسَاوَاةِ وَاجْتِمَاعُ الْمُسْلِمِينَ وَوَحْدَتُهُمْ :

اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ جَعَلَ لَنَا فِي هَذَا الْحَجِّ دُرُوسًا وَعِبَرًا مِنْ ذَلِكَ أَنَّكَ تَجِدُ هَذِهِ الْأُمَّةَ الْمَرْحُومَةَ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ ﷺ هُنَاكَ عَلَى الصَّعِيدِ فِي ثِيَابِ الْإِحْرَامِ ، وَالْقَوْمُ قَدْ أَقْبَلُوا عَلَى اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فِي عَشِيَّةِ عَرَفَةَ ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِي مَلَائِكَتَهُ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ بِأَهْلِ عَرَفَةَ فَيَقُولُ : انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي أَتَوْنِي شُعْثًا غُبْرًا .

إِنَّ اللهَ يَجْعَلُ النَّشِيدَ الْأَعْظَمَ فِي صَعِيدِ عَرَفَاتٍ كَمَا قال النَّبِيُّ ﷺ :

لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .

#رَبْطُ مَاضِي الْأُمَّةِ بِحَاضِرِهَا :

إِنَّ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ يَرْبِطُ مَاضِيَ الْأُمَّةِ بِحَاضِرِهَا بِمُسْتَقْبَلِهَا لِأَنَّ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ ﷺ أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ تَذْهَبُ إِلَى هُنَالِكَ تَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِأَجْلِ أَيِّ شَيْءٍ ؟

لِأَنَّ أُمَّنَا الْبَارَّةَ كَانَتْ تَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مِنْ أَجْلِ أَنْ تَبْحَثَ عَنِ الْمَاءِ لِابْنِهَا إِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ وَعَلىَ نَبِيِّنَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَأَزْكَى التَّسْلِيمِ .

هُنَالِكَ نَسْتَلِمُ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ وَنُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ عِنْدَ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ وَنَتَأَمَّلُ فِي تِلْكَ الْمَنَاسِكِ إِحْيَاءً لِسُنَّةِ إِبْرَاهِيمَ كَمَا فِي الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ :

إِنَّ جِبْرِيلَ ذَهَبَ بِإِبْرَاهِيمَ إِلَى جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَعَرَضَ لَهُ الشَّيْطَانُ ، فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ فَسَاخَ فِي الْأَرْضِ ، ثُمَّ أَتَى بِهِ الْجَمْرَةَ الْوُسْطَى ، فَعَرَضَ لَهُ الشَّيْطَانُ ، فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ ، فَسَاخَ فِي الْأَرْضِ ، ثُمَّ أَتَى بِهِ الْجَمْرَةَ الْقُصْوَى ، فَعَرَضَ لَهُ الشَّيْطَانُ فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ فَسَاخَ فِي الْأَرْضِ .

فَهَكَذَا تَفْعَلُونَ إِحْيَاءً لِسُنَّةِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ .

#التَّسْلِيمُ الْمُطْلَقُ لِلهِ مَعَ الْأَخْذِ بِالْأَسْبَابِ :

فَإِنَّ الْمَشَاعِرَ وَمَوَاضِعَ الْأَنْسَاكِ فِي الْحَجِّ مِنْ جُمْلَةِ الْحِكَمِ فِيهَا ؛ أَنَّ فِيهَا تَذْكِيرَاتٍ بِمَقَامَاتِ الْخَلِيلِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ فِي عِبَادَاتِ رَبِّهِمْ وَإِيمَانًا بِاللهِ وَرُسُلِهِ ، وَحَثًّا عَلَى الِاقْتِدَاءِ بِهِمْ فِي كُلِّ أَحْوَالِهِمُ الدِّينِيَّةِ ، وَكُلُّ أَحْوَالِ الرُّسُلِ دِينِيَّةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى :

{وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}

[البقرة: 125]

وَهَذَا نَبِيُّكُمْ ﷺ قَالَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ قال :

خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ .

وَإِنَّ مَا أَتَى بِهِ النَّبِيُّ ﷺ يَنْبَغِي أَنْ يُلْتَزَمَ ؛ لِأَنَّ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ جَعَلَهُ حُجَّةً عَلَى خَلْقِهِ فِي أَرْضِهِ وَهُوَ خَاتَمُ الْمُرْسَلِينَ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ .

فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَظِيمَةِ الطَّيِّبَةِ يَنْبَغِي عَلَيْنَا أَنْ نَتُوبَ إِلَى اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ عَسَى اللهُ أَنْ يَرْفَعَ الْكَرْبَ عَنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ ، وَعَسَى اللهُ أَنْ يُؤَلِّفَ بَيْنَ قُلُوبِ أَبْنَائِهَا وَأَنْ يَجْمَعَ شَمْلَهَا وَأَنْ يُوَحِّدَ صُفُوفَهَا وَأَنْ يَرْفَعَ رَايَتَهَا .