”باسم فرات” يحتفي بالتنوع في أحدث أعماله ”اغتيال الهوية”
"يمتلك الإنسان مواهب متعددة لا موهبة واحدة، فمنذ طفولتي حين سحرني الشعر؛ وجدت نفسي مغرمًا في مادتي الجغرافية والتأريخ، فكانت درجاتي فيها تقترب من الدرجة الكاملة، إذ لم تهبط إلى ما دون التسعين من مائة، ولا أتذكر أنني كنتُ أراجع الدروس التي يلقيها علينا المدرس، وكان حفظي للأرقام التي يكثر وجودها في مادة التاريخ مثار حسد زملائي واستغرابهم.
كانت الفقرة الأولى من كتاب "اغتيال الهوية" للشاعر العراقي باسم فرات، والصادر مؤخرا عن مؤسسة "أبجد" للترجمة والنشر والتوزيع، ويتكون من مقدمة واستهلال وثلاثة وعشرين فصلًا، وعدد صفحاته 255 صفحة
وقال باسم فرات، إن هذا الكتاب، ابن التجربتين القرائية والحياتية، فعلى امتداد خمس وعشرين سنة، تنقلت بين دول مختلفة، زي الجديدة (نيوزلندا) وهيروشيما – اليابان، والهند الصينية "جمهورية لاوس وبقية دول جنوب شرق آسيا" وأمريكا الجنوبية، والسودان وسبع دول إفريقية، وبعد الشعر، يأتي اهتمامي بتاريخ المجموعات اللغوية "القوميات والإثنيات" والعقائد، وعموم التاريخ الثقافي والحضاري للشعوب، كانت للمعايشة دورها الكبير في التعرّف على ثقافات مختلفة، ثقافات لا نلتفت إليها عادة
مستكملا، وكانت دافعًا قويًّا لقراءة تاريخ التنوع الثقافي – اللغوي والعقائدي – في العراق والمنطقة، حيث سمحت لي الظروف أن أجري حوارات طويلة، مع عدد كبير من النخب من حملة الشهادات العليا من سفراء ودبلوماسيين وموظفي الأمم المتحدة الذين عاشوا لسنوات طويلة في "المناطق الساخنة"، فضلًا عن مثقفين وأبناء وأحفاد ثوريين وضحايا الحروب والاحتلالات، ولم تكن هذه المغامرات تخلو من منغّصات، عادة ما تصيب كل رحالة ومغامر، مثل التسمّم، والتعرض لمخاطر الطبيعة، وضيق التنفس في الأماكن المرتفعة، وغير ذلك، لكن النتائج ثرية بتجاربها، وفهم الآخر. هذا كتاب، يحتفي بالتنوع، ويدافع عنه أمام دعاة النقاء العرقي، والرافضين للاختلاف.