الشاعر سعدني السلاموني: ”الفلاح الفصيح” أول من واجه الفساد (حوار)
معظم أعماله الإبداعية محاولات جادة لاكتشاف العالم، قدم بأعماله أكثر من عشرين تجربة إبداعية وعلمية ما بين دواوين وروايات شعرية وكتب علمية وكان لها صدى إعلامى وترجمات.
قدمه الأديب العالمى نجيب محفوظ فى بداية حياته للعالمية، من هنا كان مشروع الروايات الشعرية الأربعة "جنون رسمى"، و"أرواح بتطير"، و"دافنشى"و"مخ وأعصاب" وقبل ذلك "مجلة الرصيف" التى كانت منبرا حرا لكل الأجيال الجديدة فى مصر والوطن العربى ثم مشروعه العلمى الشهير "محو الأمية البصرية".
تحدث المشاغب الودود الحاضر العبقري الصامت المزعج المدهش الصوفي المجنون صاحب مشروع "محو الأمية البصرية" العالمي ابن البلد الشاعر "سعدني السلاموني" يتحدث في حواره الأول لـ " الديار" برحابة صدر وبآراء جريئة عن مؤسسة وزارة الثقافة وعن علاقة ثورة 25 بواقعنا الآن وأيضا عن الجماعة الإرهابية.
وإلى نص الحوار
على مدار أكثر من ربع قرن وينهل من شعرك القارئ.. ماذا تعلمت أنت من الشعر؟
تعلمت من الشعر كيف أتعلم ثم كيف أن أعلم لأن الشعر أغنى جسد فى الوجود الإنسانى وهو الخيال وفى الخيال يكمن العلم والفكر والفلسفة والسياسة، وحين تشاهد بناء أهم مبنى على الكرة الأرضية وهى الأهرامات المصرية، فتكتشف أن ما بناها هو الإبداع وليس العلم والشعر ملك العلم والإبداع، لأن فى رحم الشعر يكمن الواقع كما يكمن الخيال فمنه تعلمت أن أعلم المعلم شعرا، أى علمنى أن لا أكون شاعرا كبيرا بقدر ما أكون صانع للشعراء مثلما فعل عمنا يحيى حقى والعظيم طه حسين، لأن هناك فوارق بين الشاعر والمتلقى ، فالشاعر يقود الجماهير مثل قائد القطار أما المتلقى فهو فرد لا يسوق إلا نفسه
كيف تقيم وزارة الثقافة؟
وزارة الثقافة حال كل الوزارات وهوحضور يشبه الغياب ولا تستطيع أن تنكر هذا الحضور ولا تستطيع أن تثبت هذا الغياب، لأن دور كل الوزارات تقلص وتحجم ما بعد 25 يناير على مستوى مصر والوطن العربى كما تقلصت معها كل مؤساسات الدولة والنقابات وللأسف المؤسسات العلمية والإبداعية والإعلامية.
الكل فى انهيار تام وتحدد دوره وخطابة كما تحدد بروازه الذى لا يخرج منه، برغم ما قدمته وزارة الثقافة من ثلاثة مشاريع عملاقة وهم "الموسوعة البصرية العين تقرأ والأذن تسمع" للعظيم ثروت عكاشه و"مكتبة الأسرة" و"القراءة للجميع"، و"المتحف الكبير"، وهذه المشاريع لازالت من أهم المشاريع فى الوطن العربى.
أما بعد يناير على الشكل العام تقلص دور الفرد والنجم الواحد والوزارة الواحدة وأسست الشللية منابر من داخل الدولة تدير لمصالحها الشخصية وتعملقت وتوحشت حتى امتلكت قوة أقوى من قوة الدولة.. من هنا تم تهميش كل ماهو جاد لصالح ما هو غير جاد، أى وضع الإنسان غير المناسب فى المكان المناسب وهذا ما تم فى كل الوزرات وليست وزارة الثقافة وحدها، وخير ما يعبر عن حال الوزرات عنون ديوان الشاعر الفريد أشرف عامر (كأنه يعيش).
هل يستفيد المواطن من وزارة الثقافة فى تقديرك؟ وما هى احتياجاته؟ وكيف يستفيد من وزارة الثقافة؟وكيف نقضى على الفساد الثقافى؟
وزارة الثقافة لم تدرك أن لديها هيئات تقوم ببناء أوطان لوانتبهت إليها و أخلصت وهى أولا "هيئة قصور الثقافة" التى تمتلك أكثر من 450 ما بين قصر ثقافة وبيت ثقافة فى كل ربوع مصر ولم يفعلوا كما ينبغى ثم "هيئة الكتاب"، ثم "المجلس الأعلى للثقافة"، ثم الأقوى والأقوى الذى تم تهميشه، قطاع الفنون التشكيلية برغم ما يقوم به من أدوار ولكن للأسف أدوار محدود، ولازالت ثقافة المهرجانات هى التى تقود الوزارة الى حد كبير.
أما كيف يستفيد المواطن العام من الوزارة لن يستفيد حتى تفعل المؤسسات وتمد جسرا بينها وبين الشارع المصرى، ومن أيام أعلنت الوزارة عن مشروع عملاق وقد يكون من أهم مشاريع الوطن العربى لو تحقق وهو (سينما فى كل بيت) هذا المشروع الفريد لو تحقق بعيدا عن الشلالية والعصابات التى تدير سوف يستفيد المواطن المصرى والعربى منه خير إفاده
وحول كيفية الإطاحة بالفساد من وزارة الثقافة، فأقول لك كيف وعمر تاريخ الفساد فى مصر سبعة ألاف عام فى كل وزرات ومؤسسات مصر، وأول من واجه هذا الفساد هو الفلاح الفصيح وزوجته الفلاحة الفصيحة، ولا تصلح معه إلا الحكمة الصوفية التى تقول "النور يطرد الظلام"، شمعة واحدة علمية أو إبداعية أو فكرية تطيح بجبال من الظلمات
كيف يؤثرالأدب على القارئ المصرى/العربى/ العالمى؟
سؤال صعب جدا، لأن وجه العالم يتغير بشكل سريع من بعد 25 يناير وانتقلت إدارة الكرة الأرضية، من الأرض إلى الشاشة تحت ما يسمى بإلاحتلال البصرى، وأدوات هذا الإحتلال هى شاشات السينما والتلفزيون ثم السوشيال مديا، والسوشيال هى أخطر الإدارات وهى المتحكمة فى الشعب العالمى إلى حد كبير، فالسوشيال ميديا والشاشة، والرأسمالية هم المتحكم الوحيد فى إدارة الشعب العالمى بمفردة أو جملة مفردة مثل كورونا أدخلوا بها البشرية جمعاء إلى مساكنهم وحولت الشعب العالمى العملاق إلى نمل بشرى وحتى الآن لم نعلم أن كورونا حقيقة أم وهم والذى نعلمه هو أنهم غيروا بهذه المفردة وجه الكرة الأرضية ودخلت بنا على كرة أرضية جديدة وكل هذا بمفردة واحدة وهى كورونا، أما الجملة هى كرة القدم، هذا الوهم العالمى الذى يقود الشعب العالمى إلى أكبر وهم وقضى تماما هذا الاحتلال البصرى على الكتاب الورقى من هناك كان مهرجانى الذى أقمته بالجامعة الأمريكية وهو كتاب لكل مواطن "معرض الكتاب المجانى"، وللأسف بعد أن انتشر عالميا تم حصاره حتى يحتضر الكتاب الورقى، ولا حل إلا بما يسمى الكتاب البصرى المقروء والمسموع لأننا نعيش على سطح كرة أرضية جديدة وبعد شهور من الآن ندخل على سطح كرة أرضية أجد وأجد، فالحل أن نضع جسرا بين الأرض والشاشة تحت ما يسمى بالتكنولوجيا الإنسانية، أى نطور الشاشة بالأرض والعكس وكل هذا يصب فى بناء الإنسان ولصالح دولة الإنسانية
وإن كان يؤثر الأدب فى العقول.. كيف يؤثر فى أدبيات الإسلام السياسى على القارئ؟
ليس الإسلام وحده الذى تسيس بل تم تسيس الأديان عامة، الإسلام السياسى اليهودية السياسية المسيحية السياسية ثم أخيرا الصوفية السياسية وكل هذا تم من أجل الدين الواحد القادم وهو الدين الإبراهيمى، والهدف تفريغ الأديان من محتواها الحقيقى وتقديم أديان تخدم على مصالحهم والحق أقول فى دول المؤسسات المؤسسة هى التى تقود العامة بكوادرها مثل سائق الأتوبيس فحين نقول أدبيات الإسلام نتذكر على الفور أهم مؤسسة وهى مؤسسة الأزهر الشريف الذى من المفترض أن يكون جهاز مناعة الإسلام وللأسف يتقلص دوره عام بعد عام لأنه يتعرض لأشرس وأعنف معركة ويقضون عليه بأبنائه من الدخل وبدل أن يطرح لنا علم جديد وإبداع جديد راح يبحث عن عدو وتحول من مؤسسة لتصدير العلوم إلى دفاعية وهجومية حتى لا يستمع إلا لصوته.
أما دون ذلك فهو خائن وملحد، وأنا كثيرا ماناديت بتأسيس قناة الأزهر العلمية والإبداعية، وهو يمتلك ميزانيات دول ناديت بتأسيس أقسام جديدة تحت اسم قسم العلوم البصرية وقسم الإبداع ولا حياة لمن تنادى برغم أن المنتج الإسلامى الإبداعى عملاق بكل ماتحمل الكلمة ولكن للأسف ليس له منبر، وعلى الأزهر أن يدرك أننا بعد يناير دخلنا على كرة أرضية جديدة ثم مفردة كورونا ادخلنتا فى كرة أرضية أجد وبعد شهور من الآن سوف ندخل كرة أرضية أجد.
هل تعود جماعة الإخوان المسلمين إلى المشهد مرة أخرى؟ ولماذا؟
لم ترحل جماعة الإخوان المسلمين حتى تعود وهى التى تتقدم المشهد الآن وتدخل التاريخ من أوسع أبوابه، مرة عن طريق مسلسل الجماعة لوحيد حامد والآن عن طريق مسلسل الاختيار، ومن هنا أقول لو تعاملنا مع النخب المصرية كالجامعات فأقول لك تم تهميش جماعة العلماء وجماعة المثقفين وجماعة المبدعين وجماعة الأحزاب والمؤرخين لصالح جماعة الإخوان اقرأ معى المشهد المصرى والعربى جيدا لتكتشف هذا.
وما حدث حدث لغياب الشفافية السياسية من يناير حتى وقتنا هذا، والسياسة فى مصر والوطن العربى ليس لها قلب، لذا خرجت كل المشاريع المصرية العملاقة من المشهد كمشروع طه حسين العظيم ومن على شاكلته من القامات العلمية والتعليمية والإبداعية.
كيف تقيم الدراما التلفزونية /والسنيما/المسرح/ وظاهرة المهرجانات ماذا تقول عنها؟
للأسف وكل أسف محزنة جدا لأن كل الأعمال السينمائية والتلفزيونية والمسرحية موجهة لتدمير المواطن المصرى والعربى وليست لبنائه، لأنها جزء من الإحتلال البصرى الذى تحدثنا عنه عالميا وعربيا ومصريا إلا من رحمة ربى فهناك بعض الأعمال أقول بعضها ولا أقول كلها غاية فى الجمال والروعة ولكن معدودة على أصابع اليد لو تحقق مشروع سينما فى كل بيت لاختلف الوضع.
ما هى آخر أعمالك الأدبية؟
آخر أعمالى الآن هى تجميع مشروع الروايات الشعرية الأربعة التى تم نشرها بين من سلاسل وزارة الثقافة سلاسل كبار الكتاب.. أما آخر عمل انتهيت منه الآن ليس أدبيا ولكن علمى (مفتاح الكواكب والأكوان) وهو الجزء الثامن من موسوعة محو الأمية البصرية وأعتقد الأخير.
كيف ترى الحضارة المصرية ؟
بخصوص الحضارة اسمح لى أن أتحدث معك بشفافية . ونختلف مع النظام أو نتفق إلا أننا لا نختلف أبدا على أن النظام قدم موكبين كانا بمثابة أحداث عالمية وجعلا مصر تخرج من تحت أقدام العالم إلى سماوات العالم ثقافيا وحضاريا بالموكبين، ولكن للأسف وكل أسف مرا كومضة لأنه لم يخدم عليهم بعد العرض بشكل يليق بهم كأحداث عالمية لا من الإعلام ولا المؤسسات ولا المدارس والكليات والجامعات فمرا كقوة مصرية استعراضية وكأنهما لم يمرا
إلى أين وصل مشروع محو الأمية البصرية الآن؟
محو الأمية البصرية بالتعليم البصرى بدأناه أنا وصديقى محمد أبو رحمة المترجم والمرشد السياحى والباحث فى علوم الحضارة المصرية من أمام المتحف المصرى وها هو الآن ينتشر مصريا وعربيا وعالميا وانتهيت من أول موسوعة علمية مكتشفه وهى (موسوعة محو الأمية البصرية) التى تتكون من ثمانى أجزاء ولم ننشر منها إلا الجزء الأول حتى الآن.