مَاذَا عَسَانِي!
مَاذَا عَسَايَ أنْ أنَاجِيَهُ، ومَاذَا عَسَانِيَ...
وهاذانِ شَطرايَ بِشِقوَتِهما يَتَغَمْغَمان، وبِشَهوَتِهما مُضَرَّجَانِ وغَاطِسانِ، وذاكَ طَائِري في عُنُقي، وجَنَاحَاهُ لطَرائِقي يَتَجَسَّسَانِ، وَكاتِبَيَّ على كَتِفَيَّ مُسَرَّجانِ، ولبَوائِقي يُكَدِّسانِ، ومَاعَسَانِي ...
وقدِ إِحْتَبَسَ وِجدَاني سَريرَةَ حَرفِهِ، ولِسَانِي...
وقدِ إِقْتَبَسَ كيَانِي جَريرَةَ ذَرفِهِ، فَمَا عَسَانِي! إلّا...
أَنْ أعتَصِرَ لأنتَصِرَ لِعَبَراتِ صَرفِي، فِي حَضرَةِ إلهٍ حَميدٍ أُنْسِيتُهُ وَمَا نَسَانِي...
أَنْ أحتَصِرَ لأختَصِرَ نَظَرَاتِ طَرفِي، لِمَلِيكٍ رَشِيدٍ إنْ عَصَيْتُهُ وَاسَاني. ومَاذَا عَسَانِي...
وقَدْ هَامَ البَنَانُ في أمواجٍ مِن تَأَفُفٍّ، وأفواجٍ مِن تَكَلُّفٍ، وفي مَرسَاهما رَسَّانِي...
وقَدْ صَامَ البَيانُ عن أزواجٍ مِن تَعَفُّفٍ، وأمشاجٍ مِن تَلَطُّفٍ، وبِمَسراهما أسْرَانِي، إلّا...
أنْ أَفِّرَّ إلى رَبِّ غَفُوُرٍ، فَيُبَدِّلُ ذُنُوبي مِن عَطفهِ بإحسَانِ، وإلّا أنْ أَقِّرَّ لرَبِّ صَبُوُرٍ، فَيُعَدِّلُ عُيُوبي ومِن لُطفِهِ أكسَانِي. ومَاذَا عَسَانِي...
وقَدْ ظَنَّ الأنَامُ أنَّ أظافِري تَقْطُرُ تُقَىَ و وَرَعاً وتَنَسُّكاً وللنُكرِ لا يلمسانِ، ومَاعَسَانِي...
وقَدْ جَنَّ الظَّلامُ على حَوافري إذ تَمطُرُ تَهَتُّكَاً بخُسْرانِ، إِلّا أنْ ألوُذَ بالغَفَّارِ مِن شُؤْمِ بَوائِقي، وأعُوُذَ بالجَبَّارِ مِن لُؤمِ طَرائِقِ الإنْسَانِ.
سُبْحَانَهُ، وإذ هوَ في غَبْرَاءَ مَهَالِكي يَرعَانِي، وفي حَضِيضِهُمُ مَا سَجّانِي...
سُبْحَانَهُ، وإذ هوَ في عَورَاءَ مَسالِكي دَعَانِي، لِيَفكَّ أسْريَ مِن سَجَّانِي...
سُبْحَانَهُ، وإذ هوَ ينادينِي كُلَّمَا مَسَّنيَ طَائِفٌ مِن الشَّيطانِ وَبِلَمزِهِ دَسَّانِي...
سُبْحَانَهُ، وإذ هوَ يَتَقَبَّلُ مِنِّي صَلاةَ سَاهٍ لاهٍ شَارِدٍ نَعسَانِ، لوعُرِضَتْ عَلَيَّ لَسَخِرتُ منها، ولرَفَضتُ ما فيها مِن سَهوٍ ومِن نِسيَانِ...
سُبْحَانَهُ، وقد صَوَّرَ النَّوارِسَ، وكَوَّرَ الخُنْفُسانِ...
سُبْحَانَهُ، وقد سَوَّرَ دبيبَ النَّملِ، ونَوَّرَ سبيلَهُمُ المجسانِ...
سُبْحَانَهُ، وقَد صَيَّرَ كُلَّ زَوجَينِ مِن ذَكَرٍ وأُنثَى يَعرسَانِ...
سُبْحَانَهُ، وقد سَيَّرَ ما في الغابِ، فإثنانِ يفترِشانِ ويتآنسانِ، وإثنانِ لبعضِهما يَفتَرِسانِ...
سُبْحَانَهُ، وقَد حَيَّرَ كُلَّ ظَالِمَيْنِ، وجعلَ بَعضَهُما على بَعضٍ يَتَغَطرَسانِ.
سُبْحَانَهُ، ما أعظَمَهُ! ما أحلمَهُ!
سُبْحَانَهُ، ما أكرَمَهُ! ما أرحمَهُ!