محطات في حياة ملك العود فريد الأطرش في ذكرى ميلاده
تحل اليوم ذكرى ميلاد الفنان والموسيقار فريد الأطرش، حيث ولد في ٢١ أبريل عام ١٩١٧ ببلدة القريا في جبل الدروز بسوريا، ينتمي إلى آل الأطرش وهم أمراء وإحدى العائلات العريقة في جبل العرب جنوب سوريا هذه المنطقة المسماة جبل الدروز أيضاً نسبة لسكانها الدروز.
والده هو فهد فرحان إسماعيل الأطرش، ووالدته هي الأميرة علياء المنذر وهي مطربة تمتعت بصوت جميل قادر على تأدية العتابا والميجانا، وهو لون غنائي معروف في سوريا ولبنان والأردن وفلسطين حيث تأثرت بمطرب العتابا اللبناني يوسف تاج الذي اتبّعت أسلوبه فيما بعد المطربة صباح.
وقد عانى فريد الأطرش حرمان رؤية والده ومن اضطراره إلى التنقل والسفر منذ طفولته، من سوريا إلى القاهرة مع والدته هربا من الفرنسيين المعتزمين اعتقاله وعائلته انتقاما لوطنية والدهم فهد الاطرش وعائلة الأطرش في الجبل الذي قاتل ضد ظلم الفرنسيين في جبل الدروز بسوريا.
عاش فريد في القاهرة في حجرتين صغيرتين مع والدته عالية بنت المنذر وشقيقه فؤاد و أسمهان، التحق فريد بإحدى المدارس الفرنسية الخرنفش حيث اضطر إلى تغيير اسم عائلته فأصبحت كوسا بدلاً من الأطرش وهذا ما كان يضايقه كثيرا، وذات يوم زار المدرسة هنري هوواين فأعجب بغناء فريد وراح يشيد بعائلة الأطرش أمام أحد الأساتذة فطرد فريد من المدرسة والتحق بعدها بمدرسة البطريركية للروم الكاثوليك.
نفد المال الذي كان بحوزة والدته وانقطعت أخبار الوالد، وهذا ما دفعها للغناء في روض الفرج لأن العمل في الأديرة لم يعد يكفي وافق فريد وفؤاد على هذا الأمر بشرط مرافقتها حيثما تذهب.
حرصت والدته على بقاء فريد في المدرسة غير أن زكي باشا أوصى مصطفى رضا بأن يدخله معهد الموسيقى، وعزف فريد في المعهد وتم قبوله فأحس وكأنه ولد في تلك اللحظة، إلى جانب المعهد بدأ ببيع القماش وتوزيع الإعلانات من أجل إعالة الأسرة، وبعد عام بدأ بالتفتيش عن نوافذ فنية ينطلق منها حتى التقى بفريد غصن، والمطرب إبراهيم حمودة الذي طلب منه الانضمام إلى فرقته للعزف على العود.
أقام زكي باشا حفلة يعود ريعها إلى الثوار، أطل فريد تلك الليلة على المسرح وغنى أغنية وطنية ونجح في طلته الأولى، وبعد مجموعة من النصائح اهتدى إلى بديعة مصابني التي ألحقته مع مجموعة المغنين ونجح أخيرا في إقناعها بأن يغني بمفرده.
بدأ العمل في محطة شتال الأهلية حتى تقرر امتحانه في المعهد ولسوء حظه أصيب بزكام وأصرت اللجنة على عدم تأجيله ولم يكن غريبا أن تكون النتيجة فصله من المعهد، ولكن مدحت عاصم طلب منه العزف على العود للإذاعة مرة في الإسبوع فاستشاره فريد فيما يخص الغناء خاصة بعد فشله أمام اللجنة فوافق مدحت بشرط الامتثال أمام اللجنة وكانوا نفس الأشخاص الذين امتحنوه سابقا إضافة إلى مدحت.
غنى فريد أغنية الليالي والموال لينتصر أخيرا ويبدأ في تسجيل أغنياته المستقلة، سجل أغنيته الأولى (يا ريتني طير لأطير حواليك) كلمات وألحان الملحن الفلسطيني يحيى اللبابيدى فأصبح يغني في الإذاعة مرتين في الأسبوع لكن راتبه كان زهيدا جدا.
اشترك فريد الأطرش في 31 فيلما سينمائيا في السينما المصرية كان بطلها جميعا وقد أنتجت هذه الأفلام في الفترة الممتدة من سنة ١٩٤١ حتى ١٩٧٥.
أشهر الأفلام على الإطلاق والذي جنى أرباحا طائلة هو فيلم حبيب العمر، لأنه مثل قصة حب حقيقية، وكان فريد الأطرش يختار القصص بعناية، وبالذات القصص التي تتقاطع ولو قليلا مع قصة حياته ففيلم عهد الهوى هذا، يمثل فقدان الحبيب بعد أن غفر له كل زلاته أو حتى كبائره، وخداع الآخرين له، وفيلم حكاية العمر كله، وهو من الأفلام المهمة لفريد، فيمثل ضياع العمر بالنسبة له، وعدم جدوى فائدة البحث عن الحبيب بعد ذلك، أما فيلم ودعت حبك والذي أثار ضجة كبيرة حين عرضه، بسبب وفاة البطل في النهاية، فلم يقنع المتفرجين سوى خروج فريد فاتحا الستار ليقول للمتفرجين ها أنا ذا لم أمت.
كتب الباحثون عشرات الكتب تناولت فريد الأطرش. وقد تناول الباحثون فريد من جميع النواحي الاجتماعية والفنية والحياتية والعاطفية وغيرها ومنها فريد الأطرش قصة حياته ومختارات من أغانيه لسعيد الهيري، فريد الأطرش بين الفن والحياة لسعيد الجزائري، أول همسه (آلام وأنغام فريد الأطرش) تأليف سعود بن عبد العزيز القويعي وغيرها من المؤلفات التي تحدثت عن حياة فريد الأطرش.
وغني فريد كلمات الكثير من شعراء عصره واشهرهم ومن ضمنهم احمد رامي، بديع خيري، بيرم التونسي، كامل الشناوي، مأمون الشناوي، مرسي جميل عزيز وغيرهم من الشعراء.
كما لحن للكثير من الفنانين والفنانات العرب ومنهم شادية، أسمهان، صباح، فايزة أحمد، اسماعيل ياسين، وديع الصافي، محرم فؤاد، فهد بلان وغيرهم.
لقب فريد الأطرش بملك العود، وموسيقار الأزمان، كما على قلادة النيل العظمي وهي ارفع درجة تكريم مصرية تمنح للأشخاص الذين قدموا إسهاما مميزا يؤثر علي حياة المصريين.
وتوفي الفنان فريد الأطرش توفي في مستشفى الحايك في بيروت إثر أزمة قلبية وذلك في ٢٦ ديسمبر عام 1974 عن عمر ناهز 64 عاما.