عاش راضيًا ومات ساجدًا.. 3 أعوام على وفاة ”خالد توحيد”
خالد توحيد(1961-2019)، له مِنْ اسمه أوفى نصيب وأعلاه؛ فهو خالد الذِّكر والصفات، واحد الجوهر والأخلاق الموحد بالله سراً وجهراً، تحمل سِيماه خصال الصالحين، ويهشُّ ويبَشُّ كلُّ مَنْ يراه لِما يحيطه مِنْ أنوار اليقين والطمأنينة والرضى التام.
منذ أيام قلائل، مرت ذكرى رحيله الثالثة في 19 فبراير؛ لتؤكد أنه مازال حيًّا في النفوس والعقول نتيحة إخلاصه، وصدقه، وتفوقه وجدارته في الصحافة والتحليل الرياضي.
أحبَّه كلُّ مَنْ قرأ له، أو شاهد برامجه؛ فأيقنوا أنهم أمام رجلٍ صاحب رسالة نبيلة، يسعى من خلالها إلى بثَّ رسائل الجمال والخير والحق والثقافة والفضائل والنقد الأصيل بين كل من عرفه أو سمع عنه.
كان مغايرًا لما حوله في عالم الرياضة والصحافة؛ فلا يُزاحم على مغنم، ولا يشاكس على درهم!
انتهج الموضوعية في نقده وتحليله لكافة مباريات كرة القدم، إذ راعى الأعراف ويقظة الضمير، فهو لم يهتم يوماً بالإثارة المغرضة، ولا بالفبركة والتسخين المَوتور أو الانحياز لهذا أو ذاك، وإنما دَيْدَنه تقديم وجبةٍ طازجةٍ من التغطية العادلة النزيهة عن الغرض والمرض.
إذا تحدَّثَ استمع إليه كلُّ مَنْ في منطقتَي: "الجزيرة"، و"ميت عقبة"؛ فقوله الفصل، وتشخيصه الأصل.
قلتُ فيه شِعرًا:(ألا فلتغرِّد أطيارُ "الأهرامِ" لفارِسها/ في فراديسِ الجِنانِ تِيهًا وعِرفانا/ "خالدُ التوحيدِ" المَمهورُ بالنُّبِلِ آصرةً/ والمُتوَّجُ بالأخلاقِ في تساميها/ فقد عاش ملءَ الشمسِ في تعاليها/ وأفعاله في الأرضِ إخباتًا لباريها).
كان إذا حلَّ في أيِّ مكانٍ ملأه بالعدل والسماحة والشهامة، وإذا غاب ساعةً، افتقدته الأنظار والجوانح والألباب.
إذا عرضتْ معضلةٌ ما، كان هو مَنْ يفكُّ مغاليقها، ويأتي بالقول المبين، والرأي الأمين.
كانت تحجُّ إلى مكتبه في"الأهرام الرياضي" الوفود العاشقة لطريقته وسحر بيانه.
كان هو وزميله الناقد الرياضي الموهوب أكرم يوسف بمثابة فرسَي الرِّهان في التميُّز والمصداقية والموسوعية.
امتلك ثقافةً عريضةً، وسعةَ أفقٍ، وخيالًا واسعًا، وأسلوبًا راقيًا في الكتابة، ومهارةً في التناول، ومعرفةً بأقدار الناس، وبما يُقال، وما لا يُقال.
حينما اعتلى رئاسة تحرير مجلة"الأهرام الرياضي" عام 2014، حمدتُ الله؛ لأنه استحقها عن علمٍ ومكانةٍ وتاريخٍ مشرِّف.
وعندما رأس قناة "النادي الأهلي" عام 2016، تمنَّى الرياضيون والمشجِّعون أنْ يرأس أمثاله مجالس إدارات الأندية الرياضية؛ فمع خالد توحيد؛ فلا خروجٌ على النَّصِّ، ولا مهاتراتٌ، ولا مشاحناتٌ، ولا ملاسناتٌ، ولا مشاجراتٌ، ولا مزايداتٌ، ولا مُكايداتٌ، ولا تربيطاتٌ!
خالد توحيد، السابحُ بالسَّجيَّةِ في بحار السلوك القويم، والطائرُ المحلِّقُ نحو قصب السبق في أيِّ مجالِ خاضه.
رحم الله خالد توحيد، نظير ما قدَّم من مواقف إنسانيةٍ فاضلة، وكتاباتٍ نزيهةٍ ساطعة، وبرامج إشعاعها يبقى سراجًا منيرًا في ليالينا الرياضية الظِّلْماء!