”الرقابة الإدارية”: مكافحة الفساد تتطلب تضافر كافة جهود المجتمع
أكدت هيئة الرقابة الإدارية، أهمية مكافحة الفساد تحقيقا للاستراتيجية الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته، مشددة في هذا الإطار على أن مكافحة هذه الظاهرة تتطلب تضافر كافة جهود الجهات العاملة بالمجتمع إلى جانب منظمات المجتمع المدني، وأن المواطن المصري هو اللبنة الأساسية في دعم الجهود المبذولة للتصدي لهذه الظاهرة السلبية.
جاء ذلك خلال ندوة هيئة الرقابة الإدارية التي عقدت اليوم /الإثنين/ بعنوان "استراتيجية الدولة المصرية لمنع الفساد والوقاية منه نحو الجمهورية الجديدة" ضمن فعاليات الدورة الـ53 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب.
وخلال المحور الأول من الندوة والذي يحمل عنوان " هيئة الرقابة الإدارية ودورها في منع ومكافحة الفساد والتوعية بمخاطرة"، أكد اللواء عصام زكريا رئيس قطاع التخطيط بهيئة الرقابة الإدارية، دور الهيئة في منع الفساد ومكافحته، مستهلا مداخلته بالحديث عن تعريفات الفساد وأن البنك الدولي قام بتعريفه في تقرير التنمية بأنه إساءة استغلال السلطة لتحقيق مكاسب خاصة.
وأشار إلى أن مصر وقعت على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في عام 2003، موضحا أن الاتفاقية تحدد الممارسات الفاسدة التي ينبغي أخذها في الاعتبار في كل اختصاص تتناوله الاتفاقية وتشمل الرشوة والاختلاس وكذلك غسل الأموال وعرقلة سير العدالة.
واستعرض اختصاصات هيئة الرقابة الإدارية باعتبارها إحدى الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية التي ورد ذكرها في الدستور المصري، مشيرا إلى أن دورها يتمثل في العمل على منع الفساد ومكافحته بكافة صوره واتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة للوقاية منه ضمانا لحسن أداء الوظيفة العامة وحفاظا على المال العام والأموال المملوكة للدولة وتمارس عملها بكافة أشكال الرقابة الإدارية والمالية والفنية والجنائية.
ولفت إلى أن هيئة الرقابة الإدارية هي هيئة مستقلة تتبع رئيس الجمهورية ولها الشخصية الاعتبارية وتتمتع بالاستقلال الفني والمالي والإداري، وتتكون من أجهزة من بينها جهازين لمنع ومكافحة الفساد وجهاز لتكنولوجيا المعلومات فضلا عن الأكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد.
وتطرق إلى جهود هيئة الرقابة الإدارية في مجال التعاون الدولي بكافة أنواعه مع الأجهزة المناظرة والمنظمات الدولية مستعرضا الاتفاقيات الدولية والثنائية التي وقعتها الهيئة على مدار 57 عاما.
وأفاد بأن رؤية هيئة الرقابة الإدارية تتمثل في وجود مجتمع يدرك مخاطر الفساد ويرفضه بدعم من جهاز إداري يعلي قيم الشفافية والنزاهة ومشهود له بالكفاءة والفاعلية، بينما تتمثل رسالتها في تحديد وتقييم مخاطر الفساد والعمل على الوقاية منه ومكافحته من خلال وضع الأهداف والإجراءات التنفيذية والبرامج والآليات التي تكفل محاصرته وتفعيل ثقافة مجتمعية رافضة للفساد ودعم قدرات واستقلال أجهزة وهيئات منع الفساد والارتقاء بمستويات الشفافية والنزاهة في الدولة بإشراك كافة فئات المجتمع وبالتعاون مع الجهات المعنية المحلية والإقليمية والدولية تحقيقا لرؤية مصر 2030 وتفعيلا للاتفاقيات الدولية والإقليمية المعنية بمكافحة الفساد خاصة الاتفاقية الأممية والعربية والإفريقية.
من جانبه، تحدث اللواء خالد سعيد، رئيس الأمانة الفنية الوطنية التنسيقية للوقاية من الفساد وعضو هيئة الرقابة الإدارية، عن المحور الثاني من الندوة وهو "الاستراتيجية الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته"، مؤكدا أننا جميعا شركاء في حماية مصالح الوطن وأن مكافحة الفساد تتطلب تضافر كافة الجهود في المجتمع للحد من هذه الظاهرة، وجميع دول العالم تسعى للحد منها عبر المشاركة المجتمعية، وفي ظل الجمهورية الجديدة انتهجنا طريقا لمكافحة الفساد ورؤية لتحقيق الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد.
وتطرق إلى الاستراتيجية وكيفية تنفيذها من خلال عدة عناصر أولها الخلفية الدستورية للاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، وآلية وضع ومتابعة تنفيذ الاستراتيجية ومراحل تنفيذها فضلا عن التعرف على أبرز الممارسات الناجحة لأهداف الاستراتيجية.
ولفت إلى أن النجاحات التي حققتها الهيئة على مدار الأعوام الماضية وصولا لرئاستها مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، الدول الأطراف وتدير 193 دولة من خلاله لمدة عامين إلى حين تسليم الراية إلى الولايات المتحدة في 2023.
ونبه إلى أن هيئة الرقابة الإدارية لا تتولى وحدها مهمة مكافحة الفساد وفقا للمادة 2015 من الدستور المصري، بل إنه وفقا للمادة 218 من الدستور أصبح لزاما على كافة مؤسسات الدولة مساعدة الهيئة في جهودها لمكافحة الفساد من خلال الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد.
ونوه إلى أن المقترح المهم لمكافحة الفساد كان يتمثل في تشكيل اللجنة الوطنية الفرعية التنسيقية للوقاية من الفساد ومكافحته ، ولهذه اللجنة شركاء نجاح من النيابة الإدارية وزارة العدل وغيرهم من الجهات المعنية بالدولة وبعض منظمات المجتمع المدني وهو أمر جديد بإشراك هذه المنظمات في جهود مكافحة الفساد.
وأشار إلى أنه لم يكن من المتخيل أن تتجمع هذا الكم من الجهات في مكان واحد لكن حاليا بفضل التكنولوجيا الحديثة التي تستخدم بحرفية أمكن تحقيق هذا الأمر في غضون دقائق.
وتطرق إلى الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، لافتا إلى أنه تم إطلاق الاستراتيجية الوطنية الأولى لمكافحة الفساد 2014/2018 تحت رعاية رئيس الجمهورية في عام 2014، مشيرا إلى أن الهيئة حاليا في المراحل النهائية من الاستراتيجية الثانية 2018/2022، وموضحا منظومة الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد والإجراءات التي تم اتخاذها لتنفيذها، مشددا في هذا الإطار على التنسيق مع جهات الدولة لتذليل كافة الصعوبات.
وأكد النجاح في تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد بنسبة 58 بالمائة، مؤكدا أنه في ظل الانتقال للعاصمة الإدارية الجديدة سيتم تغير مفهوم الرقابة بالاستعانة بالتطور التكنولوجي بحيث يكون المنظور الرقابي متماشيا مع التكنولوجيا الحديثة.
وعطفا على قضية الوعي لفت إلى أنه من أحد المؤشرات المهمة في الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، هو مؤشر إدراك المواطنين للفساد الإداري وفقا للمحافظات، وهو مؤشر يتم من خلاله العمل على زيادة الوعي لدى المواطنين بالاختصاصات التي تعنى بها الجهات الرقابية في الدولة، متحدثا في قضية تعزيز الوعي عن الشراكة مع الجامعات المصرية وتدريس منهج دراسي لمكافحة الفساد بها وسيكون نجاح أي طالب مشروط باجتياز هذا المقرر والنجاح فيه، بما يعزز رفع الوعي الثقافي لدى المواطنين بإدراك الفروق بين الجهات العاملة في الدولة.
ونبه فيه هذا الإطار إلى أن مصر قد تتراجع في المؤشرات الدولية بسبب عدم إدراك المواطنين بجهات الاختصاص الرقابية اللازم التوجه لها للحصول على حقوقه.
وفيما يتعلق بمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، ، أفاد بأنه تم العمل المشترك بين الهيئة والجامعات في مصر لعمل نموذج محاكاة وذلك بهدف أن يكون الأمر عملية استباقية للتدريب على تنظيم المؤتمر وتم عمل سيناريوهات في فترة عمل امتدة لـ3 أشهر وكانت النتائج مذهلة.. منوها إلى أن الفترة الحالية ستشتهد تركيزا من قبل الهيئة على الشباب وإشراكهم في المهام التي تقوم بها بكافة مستويات الدولة.
بدوره، تحدث اللواء دكتور محمد سلامة وكيل هيئة الرقابة الإدارية ونائب مدير الأكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد ، عن المحور الثالث وهو "دور الأكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد"، مشددا على أن هيئة الرقابة الإدارية وحدها لا تستطيع مكافحة الفساد ، وهي لا تستطيع أيضا والجهات التابعة لها والعاملة معها مكافحة الفساد، لكن الشريك الرئيسي في هذا الأمر هو المواطن المصري اللبنة الرئيسية لمكافحة الفساد.
ونبه إلى أهمية التعليم باعتباره أمر مؤسسي تقوم به الدولة لإكساب المواطن المهارات اللازمة، في حين أن التعلم وهو الدور الذاتي من قبل المواطن، والمعرفة وهي إزالة الجهل بالأشياء، والأهم من ذلك الثقافة باعتبارها الميراث المجتمعي المبني على التراكم المعرفي والعلوم العادات والتقاليد والتراث هذه الأمور متراكمة لدينا فنحن أصحاب التاريخ.. مشددا في هذا الإطار على أهمية عدم الاعتماد على التاريخ والأخذ في الحسبان أهمية النظر إلى الحاضر والمستقبل.
وتحدث عن نشأة الأكاديمية باعتبارها نواة للتدريب مرورا بمراحل تطورها التاريخية لحين صدور قانون إنشائها باعتبارها الذراع التدريبي والتثقيفي والتوعوي لهيئة الرقابة الإدارية، لافتا إلى إعلان الرئيسي عبدالفتاح السيسي في عام 2018 تفعيل دور الأكاديمية وعملها على كافة المستويات دوليا ومحليا فهي تمنح دبلوم ماجستير في مكافحة الفساد وتدريب كوادر الهيئة وجهات إنفاذ القانون ومنظمات المجتمع المدني في مجال مكافحة الفساد.
وأكد أن الأكاديمية لا تقدم الخبرة المعرفية على مستوى مصر فقط بل تمتد على مستوى القارة، وتتمثل رؤيتها في أن تصبح المرجعية الأساسية للتعليم والتدريب والتطوير في العلوم والمعارف والمهارات المتعلقة بمكافحة الفساد والوقاية منه، وفي المجالات الأخرى ذات الصلة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي.
وتطرق إلى رسالة الأكاديمية والتي تتمثل في تقديم الخدمات المعرفية والعلمية والتدريبية والبحثية المتميزة للمجتمع المصري والإقليمي والدولي في مجال مكافحة الفساد والوقاية منه وفي باقي المجالات ذات الصلة بأعلى درجات الجودة والحداثة، وذلك باستخدام وسائل التعليم والتدريب والتطوير عبر الاستعانة بالتقنيات العلمية الحديثة من خلال منظومة تدريبية متكاملة ومتطورة.
وأفاد بأن الأكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد تستهدف عدة فئات منها الأعضاء والعاملين بهيئة الرقابة الإدارية، وجهات إنفاذ القانون أطراف منظومة الوقاية من الفساد ومكافحته والجهات الأمنية والجهات القضائية، والعاملين بالجهاز الإداري للدولة على اختلاف مستوياتهم وكذلك العاملين بالشركات التي تساهم فيها الدولة، وذلك بجانب جهات المجتمع المدني ومؤسسات القطاع الخاص، وكافة فئات المجتمع وخاصة الشباب لبناء قدراتهم وتأهيلهم وتعزيز الانتماء لديهم، وكذلك كوادر الدول العربية والإفريقية والأجنبية العاملة في مجال الوقاية من الفساد ومكافحته.
وقدم ملخصا عن الموقف التنفيذي للأنشطة التدريبية بالأكاديمية خلال الفترة من 2018/2021، موضحا أن عدد الأنشطة المنفذة خلال هذه الفترة بلغ 1348 نشاطا بإجمالي متدربين بعدد 54 ألفا و737 متدربا.