«كل عيل بيجي برزقه» مفهوم خاطئ تسبب في الزيادة السكانية
الديار - هنا عبد الفتاح
الزيادة السكانية أزمة أصقلت كاهل الحكومات المصرية على مر العقود الماضية، كونها أحد أهم الأسباب في تراجع التنمية، وزيادة معدلات البطالة، والضغط على موارد الدولة الاقتصادية والاستثمارية.
واعتبر البعض تلك المشكلة أنها المتهم الأول في تدني وتراجع مستوى الخدمات التعليمية والصحية المقدمة للمواطنين خلال الفترة الأخيرة، وهو ما دعا الدولة لحشد كافة جهودها للحد من تلك الزيادة.
وتمثلت تلك الجهود في تدشين العديد من الندوات التوعوية والإرشادية وتوفير وسائل تنظيم الحمل المختلفة والآمنة، وكانت تلك الجهود بمثابة البداية في مواجهة الزيادة السكانية المفرطة التي شهدتها البلاد منذ تسعينيات القرن الماضي.
ولم ينتهي الأمر عند ذلك الحد بل امتدت تلك الجهود لتشمل الزيارات الميدانية وتوفير وسائل تنظيم الحمل مجانا وتوفير المشورات الطبية الخاصة بالتنظيم في المستشفيات والمراكز الصحية، لعل أبرزها حملة اسأل استشير والحملة المتلفزة الراجل مش بس بكلمته وغيرها من الحملات التي فشلت في تحدي الـ 90 مليون.
وبحسب ما رصدته الإحصائيات فأن فتوى "تنظيم الأسرة حرام" كانت أحد أهم الأسباب في فشل الحملات التنظيمية التي دعت لها ومولتها الدولة وسعت بكل جد واجتهاد في إطار تنفيذها على أرض الواقع، إلا أن البعض يرى أن توغل التنظيمات والتيارات الإسلامية في المجتمع خلال هذه الفترة جعلتها تبث أحد سمومها في المجتمع بتحريم تنظيم الأسرة ومحاربته من المنابر والدروس الأسبوعية والتي لم يكن عليها رقابة ولا ضوابط خلال هذه الفترة.
توعية وندوات وتحذير والعمل الميداني والإفصاح بما سببته الزيادة السكانية من خسائر مادية وأزمات اقتصادية، كانت أهم الأساليب انتهجتها الحكومة المصرية منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم في البلاد، للتصدي لعشوائية الإنجاب، وبث الأفكار المساعدة على تنظيم الأسرة.
السيسي الذي بدأ حقبته الرئاسية الأولى بمواجهة الفكر المتطرف بالفكر المعتدل، وتعظيم دور المؤسسات الدينية الرسمية في الدولة، وظل طيلة أعوام ينادي بتصحيح المفاهيم والأفكار الدينية المغلوطة، وهو الأمر الذي ساعد في تصحيح المفاهيم والأفكار الاجتماعية السائدة كالعزوة والسند وإنجاب الأطفال لدفعهم في سوق العمل خوف الفقر أو بسبب ما تعيشه الأسرة من فقر فعلي، بحسب الدراسات والأبحاث السكانية التي صدرت عن عدة المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وفي إطار تصحيح المفاهيم الدينية المغلوطة عن تنظيم الأسرة وما يردده البعض بقوله "كل عيل بيجي برزقه"، قال دكتور إسلام القزاز بجامعة الأزهر الشريف: إن صلاح الأمة والمجتمع يأتي من صلاح الأسرة، فصلاح الأسرة يترتب عليه صلاح المجتمع وفساد الأسرة يترتب عليه أيضا فساد المجتمع، لذلك نجد حرص الإسلام الشديد على مصلحة الأسرة من حيث تقويمها ورعايتها والنهوض بها ورقيها وتنظيمها وحمايتها من كل ما يهدد سلامتها ويعوق أمنها وصلاحها قبل تنشئتها.
واستشهد القزاز بقول الله سبحانه وتعالى: ، متابعا: ولما قامت الأسرة أصبحت هناك مسئولية من الوالدين وأمانة سيحاسبون عليها أمام الله جل وعلا فأرشدهم الله تعالى إلى ما يصلحهم في أمور دينهم ثم قال لهم فيما يخص دنياهم "أنتم أدرى بأمور دنياكم".
وتابع: تنظيم الأسرة من حيث شئون حياتها راجع إلى مؤنة كل أسرة على حده ومن هنا فلا يجوز أن يكلف أحد الوالدين نفسه شيئا فوق طاقته من باب قوله تعالى "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها"، وذلك من حيث تكلفة الحياة ومؤنتها ومسايرة الأمور من نفقات وطعام وشراب وعلاج وما تطلبه الحياة والذي يترتب على عدد أفراد الأسرة.
وأكد القزاز أن في حال عدم قدرة رب الأسرة على الإنفاق على أسرته فالأفضل له عدم الإنجاب فوق طاقته، حتى لا يحاسب أمام الله بالإهمال والتفريط في حق أحد أبنائه، أما لو كان موسرا فلا شيء في ذلك وهذا من باب قول أحد الصحابة رضوان الله عليهم جميعا " كنا نعزل والقرآن ينزل" وهذه إحدى وسائل التنظيم.
وأضاف حتى يتضح الأمر أيضا نجد قول النبي صلى الله عليه وسلم " تناكحوا تكاثروا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة " فالكثرة هنا المراد منها الكثرة الصالحة الطائعة القائمة على حدود الله وليس كثرة العدد باللاجئين الذين لا يجدون لهم مأوى أو لا يجدون ما يعيشون به، ونرى ما نراه من تزايد معدلات أطفال الشوارع والذي لا يجدون من يعاونهم ويأخذ بأيديهم إلى بر الأمان ويوفر لهم حياة كريمة.