رانيا فوزي تكشف استراتيجيات التأثير والإقناع في الخطاب الإسرائيلي
علقت دكتورة رانيا فوزي، المتخصصة في تحليل الخطاب الإعلامي الإسرائيلي، على التغريدة التي نشرتها صفحة إسرائيل بالعربية الأربعاء 12/15 مصحوبة بصورة لطفل ومعه طبيب إسرائيلي، وكان نصها "مازن طفل فلسطيني تعافى بعد أن خضع لعملية قلب منقذة للحياة بفضل أطباء إسرائيليين في جمعية أنقذ قلب طفل، وهو الطفل الـ ٦٠٠٠ الذي انقدت حياته الجمعية منهم أطفال من العراق، وجاء في التوراة: من أنقذ حياة واحدة كمن أنقذ الناس جميعا، تمنياتنا للجميع بتمام الصحة.
وقالت في تصريح خاص لـ "الديار": فيما يتعلق بالتحليل وتفنيد استراتيجيات الإقناع الكاذبة فإن الخطاب الإسرائيلي يعتمد على الدبلوماسية العامة الإسرائيلية بإتباع استراتيجية الصدق والكذب معا، وقياسا كدراسة حالة نطبق على التغريدة المذكورة سلفا والتي نفند محتواها الذي يتبع فيها الاستمالات العاطفية والإقناعية الكاذبة معا، حيث أن الصورة الذهنية النمطية المحفورة في أذهان العرب عن إسرائيل لم تتغير حتى الآن.
وهذا ما اثبتته مراكز الفكر الإسرائيلية نفسها في تحليل موقف الشعوب العربية من اتفاقيات إبراهيم، وذلك لأن دولة الاحتلال لم ولن تغير همجيتها ووحشيتها، خاصة ضد أبناء الشعب الفلسطيني، والذي كان شاهدا عليه العملية العسكرية الأخيرة على غزة "حارس الأسوار" التي أسفرت عن مقتل 67 طفلا.
إنسانية إسرائيل الزائفة
وأضافت دكتورة رانيا فوزي: نعود إلى الطفل مازن محور تغريدة صفحة إسرائيل تتكلم بالعربية، حيث تقول الصفحة الإسرائيلية إنه طفل فلسطيني بالفعل قد يكون طفل فلسطيني حقا ولكن يحمل الهوية الإسرائيلية لأنه من عرب 48 / فلسطين الداخل، وهنا الصفحة تعمدت إخفاء هويته لأن لو كانت إسرائيل الإنسانية تعمل على إنقاذ أطفال فلسطين ما كانت قوات الاحتلال الإسرائيلي تسببت في مقتل 67 طفلا.
وتابعت أن الصورة الإعلامية لا تمحو الصورة النمطية والذهنية لأن إسرائيل لن تغير أفعالها الوحشية، وبمناسبة الحديث عن الأطفال فهناك قوى فاعلة أخرى ثانوية وردت في خطاب صفحة إسرائيل تتكلم العربية في التغريدة محل الدراسة وهم أطفال العراق، والسؤال هنا تحديدا لماذا العراق وأطفاله الآن؟، فالخارجية الإسرائيلية هنا تخدم على سياسة طموحة ناعمة تستهدف إسرائيل من وراءها توسيع اتفاقيات إبراهيم وتحسين صورتها في العراق خاصة بعد فشل مؤتمر أربيل الداعي للتطبيع مع إسرائيل.
استراتيجيات التأثير والإقناع
واستطردت دكتورة رانيا فوزي: في ضوء استراتيجيات التأثير والإقناع في الخطاب يعتمد خلالها على الأرقام والإحصائيات وهو ما ورد في خطاب إسرائيل تتكلم بالعربية في التغريدة، حيث ذكرت رقم الطفل الـ ٦٠٠٠ الذي انقدت حياته الجمعية منهم أطفال من العراق، وهنا لم ترد الصفحة أي إثبات عن صحة هذا الرقم فهل جميع الأطفال الذين تم إنقاذهم إسرائيليين أم من عرب إسرائيل أو من دول أخرى وهو ما يثير التشكك في مصداقية هذا الرقم دون سند إثبات.
وأوضحت أنه بالانتقال إلى تفنيد ادعاء آخر في الخطاب توظفه الدبلوماسية العامة لتدعيم حجاجية الخطاب، وهو المرجعية الدينية بالاستناد على آيات من القرآن والتوراة، وبالعودة للتأكد من صحة ما جاء نصًا في التغريدة السالفة بالقول: جاء في التوراة: من أنقذ حياة واحدة كمن أنقذ الناس جميعا، فهذه الآية بمحتواها السابق لم تذكر نصًا في التوراة كما وردت في تغريدة إسرائيل تتكلم بالعربية وإنما المرجعية الدينية لها تتداخل نصًا مع الآية القرآنية ﴿ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ﴾ [المائدة: 32]، حيث بيَّنَ الله في هذه الآية أن من قتَل نفسًا بغير نفسٍ أو فساد في الأرض، فالعبارة المذكورة نصًا في التوراة وتحديدا في سفر التكوين الإصحاح الرابع آية 8: "وَكَلَّمَ قَايِينُ هَابِيلَ أَخَاهُ. وَحَدَثَ إِذْ كَانَا فِي الْحَقْلِ أَنَّ قَايِينَ قَامَ عَلَى هَابِيلَ أَخِيهِ وَقَتَلَهُ."
واستكملت أن الدبلوماسية العامة تتحايل على النص الديني الوارد في التوراة والذي ورد في المشنا السنهدرين 37-71، والذي يتحدث عن أحكام القتل والتي ورد فيها نصا بشأن من قتل نفسًا يهوديًا فلم ترد ذكر القتل، وإنما استعانت بالتداخل النصي مع القرآن وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا، وهو تحايل واضح على النص الديني الوارد في القرآن وذلك لأن سمة القتل هي جزء من الشخصية الإسرائيلية العدائية والتي تنفذ أبشع الجرائم بحق الفلسطينيين، فهكذا هو الكذب المفضوح في استراتيجيات إقناع خطاب الدبلوماسية العامة الإسرائيلية.