هل تحل وساطة جنوب السودان أزمة منطقة الشرق؟
الديار- صفاء دعبس
لا تعتبر قضية الشرق السوداني وليدة اللحظة بل هي قديمة منذ العهود السابقة، حيث بدأت منذ مرحلة ما بعد الاستقلال في عام 1956 ثم المطالبة بالحكم الإقليمي، ثم قيام مؤتمر البجا الذي دعا للكفاح المسلح في عام 1964، وأدى ذلك تكوين جبهة الشرق في عهد النظام السابق.
ومنذ انتهاء المهلة التي حددها زعماء قبائل البجا السودانية التي انتهت في الرابع من ديسمبر الجاري تعاني منطقة شرق السودان حالة من الغليان، وسط تهديدات بإعادة إغلاق الطريق والميناء الحيوييْن في البلا، حيث رفض مجلس نظارات البِجا والعموديات المستقلة في شرق السودان برئاسة محمد الأمين ترك، اتفاقية مسار شرق السودان الموقعة في عاصمة دولة جنوب السودان بين الحكومة وممثلي شرق السودان في الجبهة الثورية فبراير 2020.
وبدوره صرح ترك كثيرا رفضه لمسار الشرق في كل الولايات، مؤكدًا أنه لن يطبق عليهم ، حيث طالب بنصف موارد شرقي البلاد للولايات الشرقية، وإلغاء مسار الشرق في سلام جوبا، وحل الحكومة الانتقالية، وتشكيل حكومة كفاءات.
وأوضح ترك، أن مطالبهم ظلت كما هى منذ عامين، حيث جلسوا مع رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان ونائبه ورئيس الوزراء بشأن مطالبهم كما قال قيادي بالمجلس وقتها يدعي محمد طاهر، وقال إن اللجنة العليا المكلفة بأزمة الشرق برئاسة دقلو طلبت مهلة لحل القضية، مؤكدا أن التأجيل يأتي لإجراء المزيد من المشاورات مع كل مكونات الشرق؛ للوصول إلى نتائج إيجابية.
بداية الأزمة
أغلقت قبيلة البجا في 17 سبتمبر الماضي، وهي أحد أكبر المكونات السكانية في شرق السودان، الميناء الرئيسي للبلاد، واضعة متاريس “حواجز” في العديد من المدن والنقاط الواقعة على الطريق الرئيسي الذي تمر به صادرات وواردات البلاد، ثم إغلاق خطَّيْ تصدير واستيراد النفط.
مطالب رئيسية
وطالبت قبيلة البجا بـ“إنهاء التهميش، وتحقيق التنمية لمناطق الشرق، وإلغاء اتفاقية مسار الشرق المضمن في اتفاقية جوبا للسلام، مع تغيير الحاضنة السياسية أو توسيعها (الائتلاف الحاكم) وايضا حلّ لجنة إزالة التمكين واستبدالها بمفوضية مكافحة الفساد، إضافة إلى حل الحكومة الحالية، وتشكيل مجلس عسكري يدير البلاد لفترة انتقالية تعقبها انتخابات”.
وفي أوائل نوفمبر الماضي، فك مجلس “البجا” الحصار الذي كان مفروضًا على ميناء بورتسودان والطرق القومية التي تؤدي إلى الإقليم، ومنحه شهر واحد حيث تتمكن الحكومة المركزية في الخرطوم لإيجاد حل للقضية وإلغاء اتفاقية مسار الشرق موضوع الأزمة.
مبادرة جنوب السودان لحل الازمة
بادرت دولة جنوب السودان في بداية الأسبوع الجاري، لحل الأزمة في محاولة لرأب الصدع وعودة الحياة إلى طبيعتها في منطقة الشرق التي تعد تعتبر رئة السودان، كون إن عمليات الإغلاق السابقة أصابت الحياة بالشلل التام ومن جهتها أكدت جنوب السودان
أهمية التوصل إلى توافق تام بين كافة مكونات منطقة شرق السودان، للوصول لرؤية محددة حول كيفية إدارة المنطقة.
وتوقع الكاتب والمحلل السياسي السوداني هيثم محمود نجاح وساطة دولة جنوب السودان في نزع فتيل الأزمة، حيث أظهرت الحكومة اهتمامها، وتعاملت مع ترك كزعيم بعد أنباء عن ترشيحه للسيادي والاهتمام بصحته، وهي عوامل مؤثرة جدًّا في الشعب السوداني.
وأكد محمود أن هناك مكونان بالشرق رئيسيان هما “البجا” و”البني عامر”، وبين الجانبين “مشاكل عدة”، خاصة بعد احتواء حكومة عبد الله حمدوك للبني عامر واعتبار مكون البجا من فلول نظام “المؤتمر الوطني” (الحزب الحاكم إبان عهد عمر البشير)؛ وهذا ما زاد حالة الاحتقان، على حد قوله.
وأشار محمود، في تصريحات لـ”وسائل اعلامية”، أن هناك من يعتقد أن قضية الشرق ستحل باستيعاب الناظر ترك وتعيينه عضوًا بمجلس السيادة الانتقالي، وهذا غير صحيح ؛ لأنها أصبحت قضية جماهيرية وحقوق شعب تتفق فيها كل مكونات الشرق (بجا، بني عامر، المكونات الأخرى) وبإمكان ثوار الشرق خنق الحكومة المركزية من بإغلاق الميناء الوحيد .
وبناء عليه، قال محمود إنه ليس باستطاعة الحكومة ليس فتح جبهة أخرى للحرب في الشرق مهما كلفها الأمر، ولن تستطيع فتح مسار الشرق الذي رفض اتفاقية جوبا للسلام التي تجاوزت مكونًا رئيسيًّا وفئة كبيرة من أهل الشرق .
وشدد محمود قائلاً، تأخر الحكومة في تنفيذ مطالب أهل الشرق وتكوينها لـ”لجنة كسيحة” لم تتحرك إلا بعد تهديدات بالتصعيد سيصعب المشهد بشدة في حال إغلاق الميناء الرئيسي والمنفذ البحري الوحيد، خاصة أن الإغلاق السابق قد كبَّد البلاد خسائر فادحة، فضلا عن اسهامه في انهيار الاقتصاد المتهالك.