جريدة الديار
الثلاثاء 5 نوفمبر 2024 06:23 مـ 4 جمادى أول 1446 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

115 سنة على ميلاد السنباطي .. فيلسوف الموسيقى العربية

رياض السنباطى
رياض السنباطى

صلاح حسن رشيد

رياض السنباطي (1906-1981) من رواد الموسيقى والتلحين في مصر والعالم العربي في العصر الحديث، موسيقار فذ، ملحن عبقري، هضم الموسيقى والمقامات، واستطاع أن يؤلف سيمفونية من التجديد والأصالة والذاتية، لحَّن لكبار مطربي ومطربات عصره، صاحب أسلوب فريد في تلحين الأشعار الصعبة بنغمات ساحرة لها طلاوة وجمال أنيق.
صاحب مشوار طويل مع التألق والتأنق والتفرد والسبق والتجديد. أسَّس مدرسة عريقة في الألحان والتأليف الموسيقي، عُرِفت باسمه، وشكَّل مع أُم كلثوم أعظم ثنائي موسيقي غنائي في القرن العشرين.
ميلاد رياض السنباطى
وُلد في دمياط فى 30 نوفمبر من عام 1906 ، وتعلم في مدارسها. لم يواظب على حضور دروسه لعشقه للموسيقى والألحان. كان والده يعمل مقرئًا للقرآن الكريم، ويقوم بالإنشاد الديني في الأفراح والموالد، فامتهن رياض مهنة أبيه، وشد أواصره إلى عالم الفن والطرب. كان مريضًا بداء في عينيه، لم يجعله يستمر في دراسته، فاتجه صوبَ الموسيقى والعزف على العود مستمعًا إلى عزف والده، وإلى استكناه فن سيد درويش وعبقريته الرائعة. اصطحبه والده معه في فرقته. أصرَّ والده على تعليمه قواعد المقامات والموسيقى العربية، فاستجاب له رياض، وأظهر نجابة ونبوغًا، فكان صاحب صوت شجي، وعزف مؤثر بليغ. بعد مدة من الزمان، صار رياض مطرب الفرقة الأول، وعاش مع أبيه في المنصورة. لم يكتف رياض بما حصَّله من أبيه، فعزم على التعلم على يد كبار الملحنين والموسيقيين من خلال الاستماع إلى حفلاتهم عبر الأسطوانات، من أمثال: أبو العلا محمد، ويوسف المنيلاوي، وعبد الحي حلمي، وسيد درويش، وغيرهم.

سيد درويش مكتشف السنباطى

ذات يوم زار المنصورة الشيخ سيد درويش فاستمع إلى صوت وعزف رياض، فأبدى إعجابه الشديد به، وقرر أن يأخذه معه إلى الإسكندرية لتعليمه فنون العزف والتلحين والغناء، إلا أن والد رياض رفض ذلك؛ لأن ابنه كان نجم فرقته الأول، ولا يستطيع الاستغناء عنه.
في عام1928 انتوى أبوه السفر إلى القاهرة؛ لكي يجد لابنه موطيء قدمٍ في عالم الطرب والموسيقى، وأراد رياض دراسة الموسيقى أكاديميًّا، فالتحق بمعهد الموسيقى العربية، وحينما أرادوا عقد امتحان له، هالهم أن مستواه العلمي والموسيقي يفوق قدرات أي طالب آخر، فصدر قرار من مسئولي المعهد باعتماده أستاذًا لآلة العود والعزف عليها.
انخرط بعدها رياض في حفلات القاهرة الفنية، فعرفه الوسط الفني، وبرز نجمه بين الجميع. لكنه آثر التلحين للفِرق على العمل في المعهد، فقام بعمل ألحان قدمها للمطربين والمطربات، فحاز إعجابهم والثناء الواضح منهم.
القصبجي وزكريا أحمد
جمع السنباطي بين كلاسيكيات الموسيقى القديمة على غرار القصبجي وزكريا أحمد، وبين التجديدات التي أدخلها عبد الوهاب حديثا، فصارت موسيقاه تختلف عن المدرستين في أشياء، وتتفق معهما في أحيان كثيرة. يرى خبراء العزف والتلحين أن السنباطي أدخل لأول مرة إلى التلحين المقدمة الطويلة بدلًا من المقدمة القصيرة المتعارف عليها من قبل، وأنه جدَّد في العزف باستخدام آلة العود عنصرًا أساسيًّا داخل الهارموني في الأوركسترا.
حينما استمعت أم كلثوم إلى عزفه وتلحينه، قررت التعاقد معه، ومن يومها صارا أشهر ثنائي غنائي وموسيقي في العالم العربي، فقد لحَّن لها وحدها(280) أغنية، منها: الأطلال، وأراك عصي الدمع، ولسه فاكر، وحيَّرت قلبي معاك، وطوف وشوف، وحديث الروح، وعرفت الهوى، وعلى عيني بكت عيني، وليلي ونهاري، ومصر التي في خاطري، ووقف الخلق ينظرون جميعًا، ورابعة العدوية، وقصة السد، وغيرها.
مؤلفات السنباطي الموسيقية
بلغت مؤلفات السنباطي الموسيقية (539) عملاً مثل: الأغنية، والقصيدة، والأوبريت، والديالوج، والمونولوج، والمواليا، والطقطوقة، وغيرها. قام بالتلحين لأشهر مطربي ومطربات زمانه، من أمثال: أم كلثوم، وفتحية أحمد، ومنيرة المهدية، وعبد الغني السيد، وصالح عبد الحي، وأسمهان، ومحمد عبد المطلب، وسعاد محمد، وهدى سلطان، وفايزة أحمد، ووردة، ونجاة الصغيرة، وعزيزة جلال، وسميرة سعيد، وطلال مداح، وميادة الحناوي، وغيرهم. اشترك في بطولة فيلم(حبيب قلبي) مع هدى سلطان عام1952.
حظي بتكريمات وجوائز كثيرة، منها: جائزة اليونسكو العالمية في الموسيقى، وجائزة المجلس الدولي للموسيقى في باريس عام1964، ووسام الفنون من الرئيس جمال عبد الناصر، ووسام الاستحقاق من الطبقة الأولى من الرئيس السادات، والدكتوراه الفخرية من أكاديمية الفنون بمصر، وجائزة الدولة التقديرية في الفنون والموسيقى، وغيرها. وهو والد المطرب أحمد السنباطي.