الكفن يحقن الدماء وينهي سلاسل الثأر بالصعيد
تعتبر ظاهرة الأخذ بالثأر ظاهرةٌ قديمةٌ يقول البعض أنها تعود إلى اصول فرعونيه ومنهم من أعادها إلى موسم الهجرة العربية إلى مصر والتي جرت في أعقاب الفتح الإسلامي، و تمتد جذورها في صعيد مصر ثم انتقلت بمرور الزمن إلى الكثير من المحافظات والقبائل، خصوصا في المجتمعات والقرى التي تحكمها الأعراف والعادات والتقاليد التي تسيّر شؤون الحياة فيه، بل تحوّلت إلى نمط حياةٍ متكاملٍ منذ مئات السنين، وثقافةٍ اجتماعيةٍ لا يجوز التنازلُ عنها بين العديد من العائلات، التي لا تعتبر السجن بديلًا عن الثأر، فحق الدولة غير حقهم، وقانونها غير قانونهم، وعندما يطرح هذا الأمر على هذه المجتمعات، تجدهم يجيبون بتلقائية شديدة " الموت اهون من العار ".
فالثار في الصعيد نار لا تهدي وميراث بين الأجيال لا يقف امامه سواء تقدم القوده او الكفن فهو الحل السحري لإنهاء بؤر الدماء وتقديم الكفن له اربع مدارس متعارف عليها اشهرها حمل الكفن واغربها جواز القاتل بواحده من عائلة القتيل والانتماء اليها ، فتقديم الكفن مشهد مهيب حيث يدخل الشخص سواء القاتل أو أحد أقاربه من الدرجة الأولى حاملا كفنه، وسط جموع المواطنين والقيادات الشعبية والتنفيذية والأمنية، يطلب السماح والعفو من أهل القتيل، ليحكم على نفسه بالموت، ليشتري حياته وحياة أقاربه، وإنهاء الصراع بين العائلات التي يروح ضحيتها شخص أو عشرات الأشخاص ومن أبرز سلاسل الانتقام الذي اوقفها الكفن :-
في محافظة المنيا 18 كفنا تقدمت بهم 19 عائلة بمعصرة حجاج بملوى، كان كفيل بإنهاء تدفق الدم بين عائلتى الجبابرة وعائلة صابر عبد العال، والتى نتج عنها سقوط 35 قتيلا من كلا الجانبين، رغم أن البداية كانت بقتل شاب طعنا بمطواة أثناء تداخله لفض مشادة كلامية بين سمكرى وطالب بكلية الشريعة والقانون فى عام 2002، لتستمر الخصومة لأكثر من 12 عاما انتهت بتقديم 19 عائلة 18 كفنا لإنهائها .
وتأتى بمحافظة سوهاج وبمدينة ساقلتة بالتحديدحيث شهدت إنهاء خلاف ثأرى دام أكثر من 35 عاما بين عائلتين، انتهت بتقديم الأكفان
وفي محافظة قنا هناك العديد والعديد من الخصومات التي حقن فيها الدم بفضل تقديم الكفن
كان أبرزها خصومة "السحالوة والمخالفة" بفرشوط والتي حصدت أرواح 12 قتيلا، وخصومة "الطوايل والغنايم" بكوم هتيم، والتي حصدت 17 قتيلا، وبالرغم من زيادة عدد قتلى عائلة عن أخرى إلا أن الضغوطات الأمنية والشعبية أنهت الصراع لمنع اتساع دائرة الدم. وعلي الرغم من انتشار ظاهرة الأخذ بالثأر التي لها جذور عميقه في عقول أهل الصعيد تظهر نماذج مشرفه محبه للسلام تساهم في حل المشكلات وتقديم الكفن ومراسمه كما ظهرت في الاوأنه الاخيره لجان المصالحات الاهليه ومن اشهرها " صعيد بل ثأر "
وكانت صاحبتها هى أمانى أبوسحلى التى ذاقت مرارة الألم بقتل ابنها الأكبر فى خصومة ثأرية شهيرة بمحافظة قنا، ومع ذلك قررت العفو ورفضت الأخذ بالثأر، كما قام شباب قرية حمره دوم التي تعد بؤرة للدماء بعمل مصالحه اهليه شهد لها الجميع بالنجاح وذلك بتشجيع من الجهات الامنيه بالمحافظة وبهدف بث الامن والامان في ربوع البلاد