جريدة الديار
الثلاثاء 16 أبريل 2024 11:08 مـ 7 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

ننشر نص كلمـة أحمد أبو الغيط فـي الدورة الخامسة للقمة الأوروبية العربية «شراكة استراتيجية»

أحمد أبو الغيط
أحمد أبو الغيط

شارك أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية فـي الدورة الخامسة للقمة الأوروبية العربية «شراكة استراتيجية»، وتنشر الديار نص كلمته خلال القمة..

أصحاب المعالي والسعادة،

السيدات والسادة،

يسرني في البداية أن أشارك معكم فى هذه الجلسة في بداية أعمال منتدى القمة العربية الأوروبية.. وأود أن أتوجه بخالص الشكر الي الرئيس كيرياكوس ميتسوتاكيس، رئيس وزراء جمهورية اليونان على دعم الحكومة اليونانية ورعايتها لهذه الفعالية منذ إطلاقها.. والشكر موصول لكل من ساهم في التحضير الجيد لعقد هذه الدورة.. وأخص بالذكر منتدى الاقتصاد والأعمال ومنتدى دلفي الاقتصادي وشركة اتحاد المقاولين، والبرلمان الأوروبي.

إن الاستمرار في تنظيم هذه الفعالية، التي تعقد بانتظام للمرة الخامسة.. حتى في ظل الظروف الاستثنائية التي لم يشهد العالم لها مثيلاً من قبل.. يعكس جلياً جدية القائمين عليها وإصرارهم على جعلها موعداً دورياً يتبادل فيه الجانبان العربي والأوروبي الرؤى حول أهم القضايا ذات الاهتمام المشترك.

ويأتي اختيار شعار "الشراكة الاستراتيجية" ليتناسب وعمق العلاقات العربية الأوروبية المتجذرة والتحديات التي تواجهها وفي مقدمتها حالياً تداعيات جائحة كورونا.. هذه الجائحة التي لم تستثنِ منطقةً في العالم من تداعياتها الخطيرة التي ستظل حاضرة لعدة سنوات للأسف.. وبرغم ما أفرزته الجائحة في المراحل الأولى من ميل نحو الإنعزال والإنكفاء على الذات، وتقليل الاعتماد على الشبكات الاقتصادية العالمية.. فإن كلمة السر في موجهة تأثيراتها تكمن -من وجهة نظري- في التعاون والاعتماد المتبادل.. إذ لن يكون أي مكان في العالم بمأمن من تأثير هذا الفيروس الخطير طالما ظل هناك مكانٌ يُعاني.

كما أن التباطؤ الاقتصادي المرتبط بالجائحة سيظل مشكلةً تواجه الجميع.. ولابد أن يتكاتف الجميع لمواجهتها.. وثمة حاجة ماسة لمساعدة الأكثر فقراً على نحوٍ خاص.. وأغتنم الفرصة لأكرر النداء إلى المؤسسات الدولية وشركاء التنمية للعمل على خفض ديون الدول الفقيرة، ومن بينها عدة دول عربية تواجه أوضاعاً اقتصادية صعبة وضاغطة بسبب تداعيات كورونا.

السيدات والسادة،

إن الاتحاد الأوروبي هو الشريك التجاري الأكبر للبلدان العربية، وبلغ حجم التجارة بينهما 377 مليار دولار في العام الماضي.. وثمة مجال مفتوح لتوسيع قاعدة الاستثمار والتبادل التجاري.. خاصة وأن العناصر الاقتصادية بين الجانبين تبدو متكاملة وليست متنافسة.. سواء في مجال الطاقة أو التكنولوجيا أو رأس المال البشري... ويتعين اغتنام الفرص التي يتيحها هذا التكامل في خلق المزيد من الاستثمارات ذات الطبيعة الممتدة والضخمة.. وبالتحديد في مجالات المستقبل كالطاقة النظيفة والتكنولوجيا الرقمية والاتصالات وغيرها.

إن العلاقات العربية الأوروبية تقف على أساس متين من الرؤى المشتركة، والتقارب الثقافي الممتد، والأواصر المتينة بين الشعوب والمجتمعات.. وثمة ملفات تمثل مصدر قلق مشترك أو تنطوي على مصلحة مشتركة.. مثل التعاون الاقتصادي والتكنولوجي والتصدي للإرهاب والهجرة غير الشرعية.. كلها ملفاتٌ تنطوي على مصالح مشتركة للعرب والأوروبيين.. وما أدعو إليه دوماً هو الحوار الصريح حول كافة هذه القضايا.. فالشفافية وطرح المواقف المختلفة بكل وضوح (كما يحدث في هذا المنتدى المهم).. هما السبيل الأقرب للوصول إلى نقاط الالتقاء.

وفيما يخص العلاقات العربية- اليونانية التي تشكل أحد الموضوعات المهمة على أجندة هذه القمة.. فأود التأكيد مجدداً على الصداقة الممتدة والقائمة بين الشعوب العربية واليونان على كافة الأصعدة والمستويات.. وأنوه كذلك بالأفق الاقتصادي المفتوح للتعاون وبالكثير من الإمكانيات غير المستغلة والتي يمكن تعظيمها عبر الارتقاء بمستويات التعاون بين اليونان والدول العربية جميعاً.

السيدات والسادة

كلمة أخيرة.. أراها ضرورية.. إن الحضارات الراسخة الممتدة، كتلك التي نشأت على ضفاف المتوسط، في الفضاءين العربي والأوروبي، تعرف جيداً معنى "التلاقح الحضاري".. بل إن الحضارة نشأت هنا على ضفاف المتوسط وفي رحابه.. جنوباً وشمالاً.. شرقاً وغرباً.. ولا مكان في ثقافاتنا لما يُسمى بصراع الحضارات..

إننا نعرف جميعاً أن التواصل بين الحضارات يقوم على أرضية من الاحترام المتبادل.. أقصد احترام كل طرف لقيم الطرف الآخر، ومقدساته.. وعلينا أن نتنبه لخطورة الظرف الحالي.. فالمعتدلون -على الجانبين العربي والأوروبي- يحتاجون إلى العمل معاً.. وألا يسمحوا أبداً للمتطرفين باختطاف الأجندة.. واستغلال بعض المواقف لتأجيج المشاعر وخلق بيئة تسمح بنمو بذور الكراهية.. ومن ثمَّ الإرهاب والعنف.

إننا ندين كل عنف في أي مكان.. إدانة بلا لبسٍ أو مواربة.. ونقول إن رسالتنا لا تتوقف عند إدانة العنف.. ولكن أيضاً إدانة الخطاب الذي يُنتجه ويُحرض عليه.. أو حتى يتسامح معه ويقبل به.

وفى الختام، لا يسعني إلا أن أجدد شكري للحكومة اليونانية على تسهيلها لعقد هذه القمة التي أتمنى لأعمالها النجاح والوصول إلى أفكار من شأنها تعزيز التعاون العربي الأوروبي.