الصحة العالمية: تنحوا خلافاتكم واتحدوا معنا لقضاء على جائحة كورونا

قال الدكتور أحمد بن سالم المنظري المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، إنّه على مدار الأسابيع القليلة الماضية أصبحت هذه المعركة أكثر تحديًا مع ظهور فيروس كورونا في بلدان مثل سوريا وليبيا واليمن، وخلَّفَت عقودا وسنوات من النزاع يصاحبه في بعض الأحيان كوارث طبيعية وفاشيات سابقة في هذه البلدان، نُظُما صحية ضعيفة ونقصًا في عدد العاملين الصحيين، ومحدودية الحصول على خدمات الرعاية الطبية الأساسية، حتى أبسط الخدماتوأضاف المنظري أنّ هناك ملايين الأشخاص أكثر عرضة للإصابة بالأمراض في هذه البلدان، وأكثر عُرضة للإصابة بالأمراض المُعدية بسبب ظروف المعيشة في أماكن مكتظة وضعف المناعة الناجم عن سنوات من انعدام الأمن الغذائي وعدم كفاية العلاج للحالات المَرَضْية الكامنة الأخرى.
وأوضح: "يعاني العديد من هذه البلدان من الانقسام السياسي، ما أدى إلى محدودية وصول الخدمات الإنسانية إلى السكان في بعض المناطق، وظهور تحديات أمام تبادل المعلومات بين الأطراف المسيطرة ومنظمة الصحة العالمية في الوقت المناسب وعلى نحو يتسم بالشفافية".وتابع، أنّه في سوريا نلاحظ التنفيذ الجزئي لتدابير الصحة العامة، بسبب الصعوبات الاقتصادية الناجمة عن الحرب والعقوبات المفروضة، وبطء مستويات الاختبار، ما يؤدي إلى التأخير في الكشف عن حالات الإصابة وعزلها وتتبُّع مُخالِطيها، وهذا يعني أنَّه من المرجح أن يزداد عدد الحالات في الأسابيع المقبلة.وأكد: "الوضع أشد حرجا في المناطق الواقعة في شمال غرب سوريا وشمال شرقها، والتي تقع تحت سيطرة القوى المعارضة، ويعد وصول المساعدات الإنسانية محدودا ويتعرض مئات الآلاف من الناس لخطر أكبر وفي شمال شرق سوريا، إذ توجد حالة إصابة مؤكدة واحدة حتى الآن، هناك تحديات تواجه جمع أعداد الحالات المُبلَّغ عنها مع أعداد الحالات الأخرى المُبلَّغ عنها في باقي أنحاء البلد، بسبب عدم التعاون بين مختلف سلطات الرقابة".وأوضح المنظري أنّه وفي ليبيا، يستمر القتال في مدينة ترهونة، جنوب طرابلس، ويتواصل القصف قرب مطار معيتيقة في طرابلس، ولا يزال سكان طرابلس الكبرى يعانون من نقص حاد في المياه، وهذه فقط بعض التهديدات التي تعيق عملنا لحماية الأبرياء من مرض كوفيد-19 والمخاطر الصحية الأخرىوزاد، أنّه في اليمن توجد أسوأ كارثة إنسانية في العالم، حيث يعتمد أكثر من 13 مليون شخص شهريا على المساعدات الغذائية، ويحتاج 2.5 مليون طفل دون الخامسة إلى الدعم الغذائي، ويحتاج 8.8 ملايين شخص إلى الرعاية الصحية، ما يجعلهم أكثر عُرضة للإصابة بالأمراض المُعدية، مثل مرض كوفيد-19، بسبب ضعف جهاز المناعة.
ولفت إلى أنّ النظام الصحي في اليمن يعاني من الهشاشة والضعف، ما سيجعل ظهور مرض كوفيد-19 كارثيا، وسيزيد العبء على المستشفيات والمرافق الصحية التي مزقتها الحرب بالفعل وأنهكت العاملين في مجال الرعاية الصحية. وتخضع ظروف العمل والوصول إلى بعض المناطق بالبلد إلى القيود، ما يترك ملايين الأشخاص أكثر عرضة للخطر.وشدد المنظري على أنَّ الصحة حقٌ من حقوق الإنسان. وتتمثَّل ولاية المنظمة في خدمة جميع الناس المحتاجين إلى المساعدات الصحية، بغض النظر عن الجنس أو العرق أو الموقع الجغرافي أو الانتماء السياسي، وستظل كذلك دائما وغالبا ما يعمل ممثلو المنظمة وموظفوها وشركاء الصحة في هذه البلدان وغيرها في ظروف بالغة الصعوبة.وتابع: "لدينا جميعا هدف واحد مشترك، هو: حماية صحة الأشخاص الذين يقدمون لهم الخدمات، بعيدا عن أي اتجاهات سياسية وبصفتنا عاملين في المجال الإنساني، ليس لدينا أي دوافع خفية ولا نتحيز ضد أي طرف. وتلتزم المنظمة بولايتها الأساسية، ألا وهي العمل المحايد في مجال الصحة وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع الناس في كل مكان".
وتابع: وفي الأعوام السابقة، نجحنا في الدعوة إلى جعل الصحة جسرا للسلام والتفاوض بشأن وقف إطلاق النار، كي يتسنى تنفيذ حملات التطعيم وغيرها من الأنشطة المُنقذة للحياة. وتتواصل هذه الجهود الآن، فقد أصبح تحديد جميع حالات الإصابة بمرض كوفيد-19 وعزلها وعلاجها وتتبُّع مُخالِطيها بسرعة على النحو السليم، أكثر ضرورة وأهمية لتجنب المزيد من انتقال العدوىوأكد المنظري أنّه في حين لا يزال المرض ينتشر في جميع أنحاء الإقليم، سُجِّل انخفاضا طفيفا في عدد الحالات المُبلَّغ عنها أسبوعيا في بعض البلدان. ووضعت بعض هذه البلدان استراتيجية للخروج من الوضع الراهن، وشرعت في رفع القيود، بما في ذلك تخفيف حظر التجوال وإغلاق المطارات. ودون تخطيط دقيق، وعدم توسيع نطاق القدرات في مجال الصحة العامة والرعاية السريرية، من المرجح أن يؤدي رفع القيود السابق لأوانه عن تدابير التباعد البدني إلى عودة ظهور مرض كوفيد-19 وخروجه عن السيطرة بما يسبب موجة ثانية متفاقمة من حالات الإصابة.
وجرت نقاشات عديدة عما إذا كان المرضى الذين أُصيبوا بالفيروس محصنين الآن من الإصابة بالعدوى مرة أخرى، ولا تتوافر لدينا إلا معلومات محدودة عن إمكانية أن يُطوِّر المصاب بالفيروس استجابة للأجسام المضادة وإلى متى تستمر هذه الاستجابة، كما لا يوجد أي دليل على أنَّ الاختبار المصلي بإمكانه إثبات أنَّ الشخص محصنٌ ضد مرض كوفيد-19 بعد إصابته بالمرض وتعافيه منه.وتابع: "تعمل المنظمة مع الباحثين على تسريع تطوير اللقاحات والعلاجات لمرض كوفيد-19. ويوجد أكثر من 80 لقاحا قيد التطوير على مستوى العالم، بما في ذلك 6 لقاحات قيد التقييم السريري، ويخضع العديد من العلاجات للتجارب السريرية".
ولفت إلى أنّه سيتم إطلاق تجربة التضامن لتطوير اللقاحات، إضافة إلى المسار الحالي للعلاجات، ونحن ملتزمون بضمان تقاسم الأدوية واللقاحات بمجرد تطويرها، على نحو عادل مع جميع البلدان والشعوب.
اقرأ أيضا.. العنانى يجتمع مع رؤساء الغرف السياحية لمناقشة الشروط الصحية للمنشآت الفندقية
وزاد: "على مدار الأشهر الأربعة الماضية، علَّمتنا هذه الجائحة العديد من الدروس بشأن الحاجة إلى عمل عالمي موحد لمواجهة تهديد عالمي. وهذا ليس وقت السياسة والاتهامات وعدم الثقة. ولا يمكننا أن ننجح إلا بالعمل معا، بلدان ومنظمات إنسانية ومجتمعات وأفراد، وبضمان أنّ أعمالنا القائمة على التضامن والشراكة الحقيقية والثقة المتبادلة والشفافية تخدم حتى أكثر الفئات عُرضة للخطر من أجل الصالح العاموأتمّ: "لا يوجد وقت أفضل من الآن للاتحاد والتعاون بين البلدان، سواءً أكانت البلدان مستقرة أو تعاني من النزاعات، فلنجعل هذه الجائحة غير المسبوقة فرصة للجميع لطرح الخلافات جانبا، وإيجاد أرضية مشتركة والعمل معا من أجل الإنس