دعوات لبنانية لانتخابات مبكرة لمواجهة شبح العنف والإفلاس
دعا نواب لبنانيون وخبراء إلى وضع الآليات اللازمة لإجراء انتخابات نيابية مبكرة؛ لإنقاذ البلاد من انهيار اقتصادي وشيك، وتخبط اجتماعي وأمني، بعد تكرار المصادمات العنيفة بين قوات الأمن والمحتجين.
وأكد النواب والخبراء ضرورة تأليف حكومة تستجيب لتطلعات الناس بسرعة، والعمل على وقف "المافيات السياسية" عن العبث بمستقبل البلاد.
وتصاعد زخم الاحتجاجات في لبنان خلال الأيام الأخيرة، حيث شهدت بيروت مواجهات أسفرت عن سقوط جرحى من المتظاهرين وقوات الأمن.
وردد المتظاهرون هتافات مناوئة لرئيس مجلس النواب نبيه بري، والمسؤولين، مجددين مطالبهم التي أعلنوها في بداية الاحتجاجات أكتوبر الماضي، وأهمها القضاء على الفساد، والتخلص من نفوذ إيران، وتغيير الوجوه الحاكمة في لبنان.
وأعلن الصليب الأحمر اللبناني أن حصيلة الاشتباكات في العاصمة بيروت بلغت أكثر من 220 مصاباً
بومبيو يدعو الليبيين إلى استغلال مؤتمر برلين لإنهاء الصراع
فمن جهته، أعرب عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب بيار بو عاصي، عن تأييده لإجراء انتخابات نيابية مبكرة، ضمن القانون الحالي النافذ.
وأرجع بوعاصي تأخير تأليف الحكومة إلى "صراع السلطة بين الأفرقاء" الذين سموا الدكتور حسان دياب المكلف بالتشكيل.
وأوضح عضو تكتل الجمهورية القوية (الكتلة النيابية لحزب القوات الذي يتزعمه سمير جعجع) أنه من الصعب اتفاق بين الأفرقاء فيما بينهم، إلا إذا دخل حزب الله، بالأمر المباشر، أو عبر رئيس مجلس النواب نبيه بري.
كما أكد أن التأخير في التأليف "كارثي على عمل المؤسسات، وثقة المواطنين والمجتمع الدولي، مع انعكاسات اقتصادية واجتماعية ونقدية ومالية وسياسية سلبية جداً".
شرعية سياسية جديدة
"الخراب صار على الباب"، هكذا قرأ عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب زياد الحواط المشهد الاقتصادي في البلاد.
وأكد عبر حسابه على "تويتر" أن "المطلوب هو شرعية سياسية جديدة من خلال انتخابات نيابية مبكرة الربيع المقبل، تضع الكرة في ملعب المواطنين الذين عليهم حسن الاختيار وصناعة التغيير لبدء مسيرة الإنقاذ".
كما غرد عضو تكتل "اللقاء الديمقراطي" النائب فيصل الصايغ بنفس المطالب، قائلاً: "لم يعد من بديل إلا القيام بحوار مسؤول على مستوى قيادات الصف الأول في مجلس النواب لتصويب البوصلة، تطرح فيه كل القضايا الخلافية والشائكة، وأبرزها؛ آليات الخروج من النظام الطائفي إلى الدولة المدنية، والاتفاق على قانون انتخاب جديد وعلى إجراء انتخابات نيابية مبكرة".
وأضاف الصايغ عبر حسابه على تويتر: "لا أولوية تتقدم اليوم على الهدف الأسمى، الذي هو إنقاذ لبنان من انهيار اقتصادي وشيك وتخبط اجتماعي وأمني".
وتابع "مطالب الحراك الشعبي محقة، وعلينا كقوى سياسية المساهمة في تحقيقها سلمياً وفق الدستور والقانون".
كما شدد على ضرورة تأكيد هوية لبنان العربية، وصيانة موقعه السياسي في المنطقة، ووضع تصور عملي لمعالجة المأزق المالي وتحديد دور لبنان ضمن محيطه.
وطالب الصايغ كذلك السلطة الحاكمة بعدم الاستخفاف بمطالب المحتجين، قائلاً: "لا تستخفوا بما يجرى ولا تحاولوا إرجاء الحلول بانتظار شيء ما، لأن تسونامي الجياع قادم بأسرع مما تتوقعون".
إصلاح جذري بانتخابات جديدة
وفي تعقيبه على دعوات الكتل النيابية لإجراء انتخابات نيابية مبكرة، قال الخبير الاستراتيجي والعميد المتقاعد ريشار داغر لـ"العين الإخبارية": "إن أي عملية إصلاح جذري تبدأ بإجراء انتخابات جديدة، تنتج سلطة تشريعية مختلفة، وحكومة وسلطة سياسية جديدة من أجل إنقاذ البلاد".
وبيّن داغر أن الانتخابات النيابية المبكرة وإعادة انتخاب مجلس نيابي جديد هو مطلب أساسي للانتفاضة الشعبية، التي انطلقت قبل 3 أشهر، حيث إن الثوار تعتبر وعن حق أن المجلس الحالي يعتبر جزءاً من السلطة الفاسدة التي أوصلت البلاد لهذا التدهور على جميع المستويات".
وأكد أن إجراء الانتخابات المبكرة طرح سليم ومشروع 100%، ورأى أن هناك صعوبات عديدة أمام تحقيق هذا المطلب بما يتناسب مع تطلعات الانتفاضة الشعبية.
وفسر الخبير الاستراتيجي تلك الصعوبات بالقول: "إن إقرار المجلس الحالي بتقصير ولايته النيابية كمدخل للدعوة لانتخابات نيابية، رهن موافقة القوى الأساسية في السلطة، وهى صعبة لتمسكهم بالمناصب؛ لذا فهذه الخطوة لا يمكن أن تحدث إلا تحت ضغط الشارع".
كما أن الذهاب لانتخابات جديدة مبكرة لن يكون مجدياً، قبل التوافق على قانون انتخابي جديد يفسح المجال أمام القوى الشبابية والمدنية والمجتمع المدني، يقول داغر.
واعتبر داغر أنه "من الصعوبة حالياً التوافق على قانون يسمح بتقليص نفوذ ودور القوى السياسية التي تتمسك بالسلطة، أمام مصلحة قوى مدنية تحل مكانها".
حلبة صراع مفتوحة
وفي تشخيصه لمسار التأليف الحكومي حتى الآن، قال الخبير الاستراتيجي: "إن لبنان يشهد فصلاً مكرراً من فصول تشكيل الحكومات في البلاد، الذي يأخذ طابع حلبة الصراع المفتوحة والمكشوفة التي تتداخل فيها عوامل موضوعية وغير موضوعية على مستوى التمثيل السياسي والمذهبي والتوازنات الطائفية".
وأضاف "ذلك يجعلنا ندور في حلقة مفرغة بين المطالب والمطالب المضادة، وبين ما هو مطلوب من الانتفاضة وبين ما هو متمسك به من قوى سياسية التي تتحكم في مفاصل السلطة".
وحول تصاعد وتيرة العنف في الشارع اللبناني، أكد أن "المسؤول الأول والأخير عن كل ما يجري هو السلطة السياسية الفاسدة التي أوصلت البلاد إلى هذا الوضع الخطير، فهذا هو الأساس والباقي هو مجرد تداعيات".
وأردف "هذا لا يعني أن ما شاهدناه في بيروت من أعمال تخريبية واعتداءات على أملاك خاصة هو مبرر ومشروع، فهناك بالتأكيد عناصر ذات توجهات وارتباطات مشبوهة دخلت على خط الانتفاضة، وهذا أمر خطير يجب التصدي له".
والحل الوحيد، وفقاً لداغر ، هو سرعة تشكيل حكومة تستجيب لتطلعات الناس، وأن تتوقف "المافيات السياسية" عن العبث بمستقبل البلاد.
ولبنان دون حكومة عاملة منذ استقالة سعد الحريري من منصب رئيس الوزراء في أكتوبر، وسط احتجاجات على النخبة السياسية.
وتم تكليف حسان دياب، وهو وزير سابق، بتشكيل الوزارة في 19 من ديسمبرالماضي، بعد استشارات نيابية ملزمة أجراها الرئيس مع النواب.
وحاز الرئيس المكلف 69 صوتاً من أصوات النواب، وامتنع خلالها 42 نائباً عن تسمية أحد لتشكيل الحكومة، من بينهم كتلة المستقبل برئاسة رفيق الحريري.
ويشهد لبنان منذ 17 أكتوبر الماضي احتجاجات للمطالبة بتشكيل حكومة إنقاذ من التكنوقراط وإجراء انتخابات نيابية مبكرة، ومعالجة الأوضاع الاقتصادية واسترداد الأموال المنهوبة ومحاسبة الفاسدين، ويؤكد المحتجون استمرار تحركهم حتى تحقيق المطالب.