جريدة الديار
الخميس 28 مارس 2024 04:40 مـ 18 رمضان 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

حكايه صديقين..!! بقلم: الدكتور محمد الاشقر

لي صديق يماثلني في العمر.. وعدد السنين.. صاحبني في المدرسه الابتدائيه والاعداديه.. وكان لي جار وصديق.. فرح لتفوقي في الشهاده الابتدائيه.. مع نجاحه ومجموعه المتوسط.. والتحقنا سويا بمدرسه الروضه الاعداديه بالمنيل.. ومع مرور الشهور في المدرسه.. وجد صعوبه في استيعاب المواد الدراسيه... مما ادي الي رسوبه.. وتاخره عني عام... عبرت الشهاده الاعداديه بنجاح وتفوق... الي الفسطاط الثانويه.. اما صديقي فتاخر عام.. ونجح في العام التالي بالاعداديه وحصل علي 60٪...وكان اهله من الذكاء والحكمه... ورؤيه ملامح المستقبل.. وتمتع صديقي بالبنيان الجسدي القوي وبالرضا.. في اختيار اسرته له.. طريق التطوع والخدمه في موسسه وطنيه.. تحظي بكل المحبه والتقدير.
عانيت كثيرا في مذاكره العلوم والرياضيات.. واللغات.. حتي حصلت علي شهاده الثانويه العامه بمجموع يؤهلني للالتحاق بكليه الطب... وعاني والدي كثيرا من كثره المصاريف في التعليم.. وتلبيه الاحتياجات الاساسيه والتعليميه التي يحتاجها مشوار دراسه الطب.
وعاني صديقي كثيرا من كثره التدريبات في كل توقيت.. في الحر والصقيع..والسهر علي تامين المنشات والحدود لمده شهور وعده اعوام.. حتي صار مؤهلا لحمايتي واسرتي.. وكل الجيران من كل غادر او عدوان.
عانيت كثيرا.. في دراسه علوم الفسيولوجي وفن التشريح.. واسباب المرض.. وكيفيه العلاج.. حتي صرت مؤهلا لعلاج صديقي واسرته وكل الجيران... من المرض والجهل.. واثاره علي كل انسان.
شارك صديقي في معارك كثيره.. داخل وخارج الحدود.. ليحمي الحدود.. ويحمي امان الاشقاء والجيران.. واصيب عده اصابات.. شفاه الله منها وكتب له النجاه... واستشهد من زملائه عشرات الشهداء.. . وكان له وزملائه دور كبير دوما في استقرار وتامين الامور والنظام.
اما انا فقد اصابتني العدوي.. عده مرات اثناء عملي بعده مستشفيات في القاهره والاقاليم.. رغم انتباهي لكل المحاذير الطبيه.. ومع نقص الامكانيات الفنيه.. كان التعويض من خلال جهد اكثر.. ومخاطره اكبر من اجل انقاذ مريضه او مريض.
وشاء الله لي السفر خارج الحدود.. الي الخليج.. وعلاج الاشقاء بحب وجهد كبير.. شفيت من العدوي مع اثار خفيفه تعاودني كل فتره... واصيبت معظم الجوارح ببعض الضعف.. حصاد جهد السنين... ساهمت في استقرار الامور.. وتامين النظام.. لكن من خلف بارفان غرفه الجراحه او العنايه المركزه.. ولم اظهر في التصاوير..لكن من مضاعفات العدوي لبعض الامراض والاوبئه.. استشهد من زملائي عشرات الاطباء.والعدد كل يوم بيزيد.
صديقي حصل علي دورات تدريبيه كثيره... حتي حصل منذ عده اعوام علي رتبه الرقيب اول.... واحتفلنا منذ عامين بوضعه نجمه ذهبيه شرفيه علي الاكتاف.. نجمه شرف وفخر واعتزاز.. يستحقها ويستحق المزيد من التكريم.. حصل عليها بعد خدمته في المؤسسه الوطنيه لمده ثلاثين عام.... ثم احيل منذ عده اسابيع الي التقاعد.. مع اهدائه شهاده تقدير.. ومكافاه ماليه قدرها 250 الف جنيه مصري لاغير.... ومعاش شهري يبلغ 8 الاف و 300 جنيه فقط لاغير..
عانيت طويلا من سراب وعود الامير السابق.. في تحقيق الحقوق.. وتعديل الوضع الخاطئ والمقلوب.. لم ينتبه لي احد.. حتي مرت عقود.. ومع غضبه اهل المريض.. انتبه صديقي للامر.. وساعدني وزملائه في تغيير الامير... وصار الان هناك امير جديد.. مخلص فاهم مايدور.. فاهم الحقوق والواجبات.. هو موضع امل وخير قادم باذن الله.. في القريب جدا... قبل ان يمرض الطبيب.. وقبل ان يغضب المريض واهل المريض.. وتتكرر الماساه.
جمعني وصديقي منذ ايام لقاء جميل مع بعض الاصدقاء.. يتكرر كل فتره علي المقهي الشعبي القديم بحي مصر القديمه.
صديقي كان يشكو الفراغ... مع قدره الجسد والتفكير علي المزيد من العمل والعطاء. . وغلاء المعيشه مع ضعف المعاش... وتاكيده علينا ان نساعده في العثور علي فرصه عمل مناسبه.. في مجال تامين المنشأت.. ليقتل بها احساسه الرهيب بالفراغ.. ويعاونه عائد العمل الجديد.. علي غلاء المعيشه بجانب المعاش الهزيل.. الذي يبلغ 8 الاف جنيه.
ثم سالني صديقي... وماذا عنك ياصديقي الطبيب.. بعد عملك في وزاره الصحه والتامين الصحي لمده ثلاثين عام.
ابتسمت وهمست له.. بعيدا عن اسماع الاصدقاء المجاورين..
بخير والحمد الله.. اجمالي مرتبي الشهري 5 الاف جنيه.. وينتتظرني بعد عامين مكافاه نهايه الخدمه حوالي 25 الف جنيه.... او تقل او تزيد قليلا.
اما المعاش الشهري.. فقد اخبرني الزملاء السابقين انه يقترب في حياء شديد من رقم 2500 جنيه شهريا.... شهريا.. او اقل قليلا.
فاجائني صديقي بالوقوف المفاجئ.. وضمني الي صدره في احتضان غير مالوف او معتاد الا عند السفر... وقال لي ماذا تقول.... ماذا تقول.. انت تعبث.. ام تهزر.. قول كلام ثاني ياصديقي. هذا حقيقي.. ام تنكيت.. ؟
.. انتبه الجالسين في المقهي لصوت صديقي العالي..
فهدا من صوته.. واخذ يدعو لوالديه واسرته بالرحمه.. لانهم كانوا اكثر فهما وذكاء ورؤيه لاحداث المستقبل... واختاروا له ومع قدراته العلميه.. افضل طريق..
استاذنت في الانسحاب وترك جلسه الاصدقاء بالمقهي.. بعد دفع ثمن المشاريب... غادرت المكان... دعوت لوالداي واسرتي بالرحمه والخير... ولصديقي بالخير والمزيد.. تذكرت جهد السنين. والعمل في الصعيد... وراس التين.. فخور بعلمي.. بعملي.. مهنتي وبكل مريض. ... لكن دمعه دافئه فرت من عيني.. سكنت الخد اليمين.... احاول ان اجد لها سبب او تفسير.. ؟؟