جريدة الديار
الجمعة 29 مارس 2024 02:46 مـ 19 رمضان 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

«الموسيقى فى الإسلام».. كتاب يرصد تاريخ الظاهرة الموسيقية وعدم تعارضها مع أحكام الشريعة وأهدافها

كتاب الموسيقى فى الإسلام-الديار
كتاب الموسيقى فى الإسلام-الديار
"الموسيقى في الإسلام".. عنوان الكتاب الصادر مؤخرا عن الهيئة العامة لقصور الثقافة للدكتورة سهير عبد العظيم؛ أستاذ الموسيقى بكلية التربية. ربما أول ما يستوقف القارىء هنا العنوان اللافت للكتاب والذي قد يرى البعض أنه يحمل مفارقة ما؛ إذ كيف تتناغم المفردتين الموسيقى والإسلام في ظل ما ترسخ لدى كثيرين أن الإسلام حرم الموسيقى دونما تحديد أي نوعية من الموسيقى هي المعنية بالتحريم. وهنا تجدر الإشارة إلى أهمية الكتاب الذي يكشف العلاقة بين القيم الجمالية والأخلاقية في الإسلام والقيم الجمالية والإخلاقية في الموسيقى، وذلك من خلال رصد بعض المظاهر الموسيقية في الإسلام، نشأتها، بداياتها وتطورها، حيث نخلص من خلال هذا الرصد إلى بعض الحقائق ومنها مثلا؛ أن ترتيل وتجويد القرآن الكريم كان سببًا في نجاح كبار الملحنين والمطربين في العصر الحديث الذين نشأوا نشأة دينية. كما توضح عمليات الرصد التي قامت بها المؤلفة أن الموسيقى عامل أساسي في مساعدة النشء على سرعة استيعاب النشيد الهادف مهما كان قوي اللفظ. وتؤكد دكتورة عبد العظيم أن الأديان لم تقف عقبة ضد الموسيقى أو تقدمها وتطورها؛ "لأن الموسيقى الرفيعة أصدق لغة وأبلغ تعبير عن العواطف الحية والمشاعر النابضة وهما عدة المتدين الذي يحب دينه ويضحي من أجله بكل شيء".. وفق تعبيرها. وتوضح كيف عرف عن العرب قديمًا حبهم للغناء "حيث وجدنا نصوص كثيرة متفرقة فى كتب التاريخ والأدب". فمثلًا اشتهروا العرب بحدائهم للابل أثناء سيرها، والحداء نوع بسيط من الغناء الفطرى يروح به البدوى عن نفسه وعن دابته فى الأسفار الطويلة. وترصد مؤلفة الكتاب أسماء عدد من المغنيين الذين برزت شهرتهم فى العصر الجاهلى ومنهم: "مالك بن جبير وهو المغنى المخضرم الذى عاش الجاهلية والاسلام. وقد كان الغناء شائعًا فى مكة والمدينة منذ العصر الجاهلى، ومن هنا لا يكون غريبا أن نسمع بعد ذلك أن النبى(ص) حين قدم إلى المدينة مهاجرًا استقبله أهلها من الانصار استقبالا حافلا، وقد ألف نساؤها وأطفالها ورجالها جميعًا ما يشبه الجوقة الغنائية حيث كانوا ينشدون بالدف أغنية مطلعها؛ (طلع البدر علينا من ثنيات الوداع.. وجب الشكر علينا ما دعا لله داع). أما عن الموسيقى فى عهد الخلفاء الراشدين فقد بدأت حياة العرب فى عصر الخليفة عثمان بن عفان فى التحول الى الترف؛ وحرصوا المسلمون على أن تحوى بيوتهم وقصورهم مشاهير الموسيقيين الذين حفلت بهم بيوت الأمراء ومن ثم احتلت الموسيقى مكانتها الرفيعة فى مجالسهم الى جانب الشعر والأدب. وفى العصر الأموى نجد ان الخلفاء الامويين من الخليفة الاولى حتى الخليفة السابع أحبوا الموسيقى وشغفوا بها وشجعوها ورعوها حق رعاية، فازدهرت فى عهودهم واحتلت المكانة اللائقة بها، ولكنها لم تكتمل الا عندما انتقلت الى بغداد فى عصرها الذهبى. ويعتبر العصر العباسى هو (العصر الذهبى للموسيقى العربية)؛ ومن أهم الموسيقيين فى الأندلس (زرياب) الذى رحل من الشرق الى الأندلس ومعه كل مقومات فنون الموسيقى لأهل بغداد وعاش وانتج فنًا كان له أعظم الأثر فى الارتقاء بالموسيقى الأندلسية التى امدت الغرب فيما بعد بمقومات النهضة الأوروبية. وللموسيقى أثرها البالغ فى مخاطبة الأحاسيس والمشاعر والعواطف، وقد تدخل الإسلام لكى يتجه بهذا الفن الى ما يكفل السعادة للانسان دون أن يتعارض ذلك مع الشريعة وأهدافها. ولأن الاسلام دين الفطرة والدين الذى يراعى واقع وطبيعة الانسان، فهو لا يغفل طبيعة البشر بكبت الغزائر والميول، ولا يهمل الحلال مما تشتهيه الأنفس. حتى لقد قال الإمام الشافعى "الطرب عقل وكرم، ومن لا يطرب ليس بعاقل ولا كريم" وقال أحد الأئمة الصوفية "ان الفقير لا يسمع الا عند الوجد". وتشير دكتورة عبد العظيم إلى سورة العاديات قائلة: "وما أروع ذلك التناسق البديع فى سورة العاديات عند وصف الخيل فى عدوها. وقد ذكرت كتب السنة، وكتب التراجم الإسلامية أن من الصحابة من كانوا يحسنون الصوت بالقرآن، مثل: عقبة بن نافع والشافعى صاحب المذهب، ووسيط الخياط. وقد أثر تلاوة وتجويد القرآن الكريم فى نجاح كبار الملحنين والمغنين مثل الشيخ محمد عبد الرحيم والشيخ درويش الحريرى. وبعد أن انتشرت الدعوة الإسلامية كثرت التساؤلات عما إذا كان الرسول (صلى الله عليه وسلم) سيحرم عليهم السماع وهو الشئ المحبب فى نفوسهم منذ جاهليتهم ولكن الرسول (صلى الله عليه وسلم) مؤمنًا برسالته قويًا فى عزيمته حكيمًا فى تصرفه عليمًا بحب الانصار للسماع فلم يشا أن يكدر عليهم صفوفهم وسمح لهم بالسماع.