جريدة الديار
الثلاثاء 7 مايو 2024 01:23 صـ 27 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

نميرة نجم: ”الأمم المتحدة عاجزة عن حفظ السلام والعدالة الدولية تنتصر لفلسطين

تُعدّ القرارات الأخيرة لمحكمة العدل الدولية إنتصارًا هامًا للقانون الدولي وللعدالة الفلسطينية، فقد أكّدت هذه القرارات على عدم شرعية الإحتلال الإسرائيلي، وفضحت المُمارسات الإسرائيلية غير القانونية بحق الشعب الفلسطيني، ومع ذلك، لا تزال هناك حاجة إلى إتخاذ خطوات ملموسة لضمان تنفيذ هذه القرارات على أرض الواقع، ويقع على عاتق المجتمع الدولي مسئولية الضغط على إسرائيل لإنهاء إحتلالها للأراضي الفلسطينية، وإحترام القانون الدولي وحقوق الإنسان، حيث تُشكّل هذه القرارات فرصةً تاريخيةً لإعادة إحياء عملية السلام المُتعثرة في الشرق الأوسط، ويجب على جميع الأطراف المعنية الإنخراط في مفاوضات جادة وحقيقية لحلّ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بشكل عادل ودائم.

تناولت السفيرة د. نميرة نجم المحامي وخبيرة القانون الدولي، بصفتها ممثلة لفلسطين في قضية الإحتلال الإسرائيلي، تقاعس المجتمع الدولي عن إتخاذ خطوات ملموسة لإنهاء الإحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، مُشيرةً إلى أنّ "العدالة الدولية هي الأمل الوحيد المُتبقي للشعب الفلسطيني لتحقيق حقوقه المشروعة".

وتُعدّ السفيرة نجم، المستشارة القانونية السابقة للإتحاد الإفريقي، من أبرز المدافعين عن حقوق الإنسان والقانون الدولي. وقد مثّلت فلسطين في العديد من المحاكم والهيئات الدولية، سعيًا منها لإنهاء الإحتلال الإسرائيلي وتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني.

طالبت المحامية الدولية السفيرة د. نميرة نجم، خلال مشاركتها في جلسات الإستماع العلنية لمحكمة العدل الدولية حول جدار الفصل العنصري الإسرائيلي، بإصلاح شامل للأمم المتحدة، مُؤكدةً على عجزها عن الوفاء بولايتها الأساسية في الحفاظ على السلام والأمن الدوليين.

تأتي تصريحات السفيرة د. نميرة نجم، بعد قرارات حاسمة صادرة عن محكمة العدل الدولية، إعتبرت فيها أنّ بناء إسرائيل لجدار الفصل العنصري غير قانوني، وأنّ عليها تفكيكه وتعويض الفلسطينيين عن الأضرار التي لحقت بهم.

أكدت السفيرة نجم، أن تقييم القرارات الأخيرة لمحكمة العدل الدولية بشأن موضوع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني/ من حيث أن الدولة الفلسطينية هي الأمل رغم كل شيء، قائلة: إسمحوا ليّ أن أفرق بين القضايا المعروضة على محكمة العدل الدولية، فهناك حالتان، الأولى قضية خلافية مُقدمة من جنوب إفريقيا فيما يتعلق بإتفاقية الإبادة الجماعية، والثانية هي رأي إستشاري مُقدم من الجمعية العامة بشأن عدم شرعية الإحتلال، وأنا أحد المستشارين القانونيين لفلسطين في الثانية، وفيما يتعلق بالمحاكمة (تهمة الإبادة الجماعية)، فإن القرار الأول الذي إتخذته محكمة العدل الدولية كان أفضل ما يمكن إتخاذه في ذلك الوقت، نظرًا للسياق السياسي الدولي الحالي وحقيقة أن محكمة العدل الدولية لا تزال أحد أجهزة الأمم المتحدة، الأمر الذي دعت المحكمة لإسرائيل إلى إتخاذ خطوات لمنع وقوع " إبادة جماعية معقولة "، والأقوى، أن الأمر الثاني أخذ علمًا بالتطورات على الأرض، بما في ذلك إستهداف المدنيين، وتدهور الوضع على الأرض، والتهديد بالمجاعة، والتأثير على الأطفال، وما إلى ذلك، وإستندت في قرارها إلى تقارير الأمم المتحدة، بينما تم إعتماد الأمر الأول أساس إعتراضين (القاضي الأوغندي والقاضي الخاص الإسرائيلي)، وإعتمدت المحكمة بالإجماع الأمر الثاني (مع إعتراض واحد فقط من القاضي الإسرائيلي الخاص)، وهو ما يشكل حدوثه إنتكاسة لإسرائيل.

وتابعت السفيرة نجم، أما الفتوى فنأمل أن تصدر هذا الصيف، ومع ذلك، لا يوجد شيء مُؤكد حتى الآن، أما بالنسبة لمحاكمة الإبادة الجماعية، فإن الحكم الموضوعي قد يستغرق وقتاً أطول، حيث أن العامل الأهم في الأنظمة القانونية هو الأمل في وضع حد لأسطورة حق الدفاع عن النفس التي تستخدمها إسرائيل ومؤيدوها، ولا ينطبق هذا الحق في هذه الحالة، ومن الناحية القانونية، وإستنادًا إلى المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة، فإن الدفاع عن النفس يدخل حَيز التنفيذ في حالة حدوث هجوم ضد دولة من قبل دولة أخرى، وليس هجومًا على المحتل من قبل مجموعات عسكرية تقاتل من أجل الحق في تقرير المصير، غزة تحت الإحتلال ومُحاصرة منذ 17 عامًا، فمن حق الأشخاص الخاضعين للإحتلال أن يقاتلوا قوة الإحتلال، وهناك شروط مُعينة لتسميتهم مُقاتلين من أجل الحرية، إلا أن القانون ينص على إحترام القانون الدولي الإنساني في أي حرب سواء كانت ضد المحتل أو مع المحتل، وهناك قوة إحتلال تدعي أن لها الحق في الدفاع عن نفسها ضد من يقع تحت الإحتلال!، إن أي قرار تتخذه المحكمة سوف يفضح بشكل أكبر إنحرافات إسرائيل ومُؤيديها بإعتبارها دعاية حربية لمواصلة تكرار مزاعم غير مثبتة عن جرائم إرتكبت في 7 أكتوبر، وأن الشيء الوحيد الذي نعرفه عنما حدث في 7 أكتوبر هو أن المدنيين، وكذلك العسكريين، أصيبوا وإحتُجز بعضهم كرهائن، وإن هذه الادعاءات لا أساس لها من الصحة حتى الآن، وهي ليست أكثر من فقاعات إعلامية تهدف إلى صرف إنتباه الجمهور عن معرفة الحقيقة، وتهدف إلى تقديم الأعذار لإسرائيل لمواصلة إرتكاب الجرائم.

وأوضحت السفيرة نجم، أنه عادة ما يكون من الصعب إثبات نية إرتكاب الإبادة الجماعية، ولكن في هذه الحالة لدينا عدة أدلة يمكن للمحكمة أن تأخذها بعين الإعتبار بداية من إن التصريحات التي أدلى بها المسئولين الإسرائيليون خلال السنوات القليلة الماضية تظهر بوضوح أنهم يعتزمون التخلص من الفلسطينيين وضم أراضيهم إلى إسرائيل، ولقد أصدروا للتو قانونًا جديدًا لضم الضفة الغربية بشكل أكبر، ويخططون في غزة لبناء مُستوطنات جديدة، ناهيك عن ما يفعلونه في القدس، إذن، في الفتوى، لدينا أدلة كافية على أن إسرائيل تمارس الفصل العنصري ضد الشعب الفلسطيني، ويعتبر الفصل العنصري عمومًا الخطوة الأولى نحو إثبات نية الإبادة الجماعية، وأخيرًا، فإن إستهداف المدنيين الأبرياء، وقصف المستشفيات، وقتل الأطفال حديثي الولادة، والإستمرار في إستهداف الأطفال يشكل سابقة تاريخية، علاوة على ذلك المنع المُتعمد للمساعدات الإنسانية مما يسبب المجاعة، وقصف مُخيمات اللاجئين الأكثر إكتظاظًا بالسكان، وتدمير البنية التحتية، على نطاق لا يصدق بحيث تصبح المناطق غير صالحة للسكن، وستكون هناك أدلة كافية على نية إرتكاب الإبادة الجماعية.

وأشارت السفيرة نجم، إلى أن تزايد اللجوء إلى محكمة العدل الدولية يعود إلى أن مجلس الأمن لم يتحمل مسئولياته ولم يتخذ قرارات حازمة في مختلف الصراعات حول العالم، بما في ذلك في غزة، في السنوات الأخيرة، تزايد الطلب على الفتاوى، وتم عرض قضايا الفظائع، مثل قضية الإبادة الجماعية في غزة، أمام محكمة العدل الدولية بسبب الفشل التام لمجلس الأمن في القيام بدوره في الحفاظ على السلام الأمن بسبب حق النقض، وفيما يتعلق بقرارات محكمة العدل الدولية، فإن مجلس الأمن لا يستطيع تنفيذ قراراته فحسب، بل إن الدول نفسها هي الجهات الفاعلة المسئولة الرئيسية.

ونوهت السفيرة، إلى أن تتطلب إلتزامات erga omnes (التطبيق العام) من جميع الدول إتخاذ التدابير اللازمة لضمان تنفيذ قرارات محكمة العدل الدولية من هذا النوع، مثل منع الفصل العنصري، أو الإبادة الجماعية ولا ينبغي للدول أن تنتظر حتى تصدر المحكمة قرارًا بوقف التمويل أو التعاون أو توفير الأسلحة لطرف مُتورط أو يُعتقد أنه مُتورط في إرتكاب مثل هذه الجريمة، وفي الواقع، يشكل مجلس الأمن مستوى آخر من التنفيذ، لكن قرارات المحكمة في القضايا المُتنازع عليها تكون مُلزمة للأطراف.

ولفتت السفيرة الإنتباه، إلى أنه لا يمكن إستخدام شبكات التواصل الإجتماعي كدليل في المحكمة، بل هي كما نسميها "المصدر الأساسي" الذي يمكن أن يعطي مؤشرات حول الجرائم التي يتم إرتكابها والتي يمكن التحقق منها بأدلة دامغة بالنسبة للمحكمة الجنائية الدولية، وهذه ليست المرة الأولى التي تغض فيها المحكمة الطرف عن الجرائم التي ترتكبها إسرائيل، فمنذ إنشاء المحكمة الجنائية الدولية، وجد المدعون المُتعاقبون إعذارًا لتجنب المحاكمة، ولكن الآن وبعد أن أعلنت محكمة العدل الدولية أن هناك أدلة " ظاهرة الوجاهة " على وقوع جريمة الإبادة الجماعية، وهي أخطر جريمة ضد الإنسانية، فقد إضطرت المحكمة الجنائية الدولية إلى التحرك، وهذا ليس هو الحال، لأن مواقف المدعي العام الحالي وهو بريطاني، منحازة لصالح إسرائيل، وخلال زيارته إلى رفح على الجانب المصري، إكتفى بالحديث عن 7 تشرين الأول/أكتوبر دون أن يذكر الجرائم بحق الفلسطينيين، بلا شك إنه أمر محزن، وأعتقد أن الدول الأطراف في نظام روما الأساسي الذي أنشأ المحكمة الجنائية الدولية يجب أن تتخذ خطوات لإقالته من منصبه، على الأقل فيما يتعلق بمسألة غزة.

كما لاحظت السفيرة نجم، أن بدأت الهجمات العشوائية على غزة منذ أشهر جاءت بدمار مُوثق، وجرائم ضد الإنسانية، وجرائم ضد حقوق الإنسان، بالإضافة إلى بيان فرانشيسكا ألبانيز الأخير، الذي إعترف بأن الإجراءات التي إتخذتها إسرائيل في قطاع غزة وصلت إلى عتبة الإبادة الجماعية، ولكن المدعي العام لم يتخذ أي إجراء على الرغم من أن المحكمة لها ولاية قضائية على أراضي دولة فلسطين، ولا يمكن لأحد أن يدعي اليوم أن المحكمة الجنائية الدولية ليست مُنحازة ضد الفلسطينيين، علاوة على ذلك، إذا نظرت إلى التاريخ القصير للمحكمة، فإنها تعمل بمثابة دُمية في يد مجلس الأمن.

وأضافت السفيرة نجم، قائلة: إن مشاهدة الإبادة الجماعية على الهواء مُباشرة على شاشات التلفزيون، بينما تكافح الأمم المتحدة لإتخاذ قرارات لوقفها هو أسوأ من الإبادة الجماعية في رواندا وبوروندي، أنها حية! مما يظهر أن إنسانيتنا التي تم إختبارها قد فشلت، وأن النظام القانوني الحالي خَذل الأبرياء، وأن الأمم المتحدة غير قادرة على الحفاظ على السلام والأمن الدوليين، وهو إن هذا من ولايتها الأساسية، وستكون هذه الحرب بمثابة تغيير لقواعد اللعبة في النظام الدولي الحالي، وستظهر أيضًا أن الحكومات الديمقراطية تتجاهل نداءات شعوبها، مُستطردة، لا أعتقد أن العالم سيبقى على حاله، خاصة مع المحاولات الإسرائيلية لتوسيع الحرب إلى لبنان وسوريا وإيران، من حيث أن الوضع يزداد خطورة، ولا يستطيع المجتمع الدولي ولا منظومة الأمم المتحدة وقف هذا التصعيد.