جريدة الديار
الجمعة 26 أبريل 2024 03:43 صـ 17 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

«محمد الصباغ» يكتب:قصة قصيرة I الجحيم والعفاريت

محمد الصباغ
محمد الصباغ

لا يذكر متي عرف طعم الحيرة صغيرا ؟! ؛ وقد بدأ يشغله معني ظلام الليل ؛ ولماذا تنتظر العفاريت الليل لكي تظهر ؟! ؛ كيف تكون العفاريت قوية وهي لا تظهر إلا في الظلام فقط ؟! ؛ وكيف تكون شفافة لا مرئية وتكون قوية في نفس الوقت ؟! ؛ ولماذا تقبل أن تتشكل علي أشكال الحيوانات ؛ كالكلب والحمار والقطط والأرانب ؟! ؛ ثم كان يحييره اكثر ؛ تفكيره : لماذا خلق الله الأشرار ؟! ؛ ومن هو الشيطان الرجيم ؛ ولماذا أعطاه الله كل هذه الحرية ؛ ولماذا يتسلط علي البشر ؛ ولماذا يكره الشيطان البشر ؟! . ثم أصبحت حواديت جدته عن الجحيم وتخويفه بالجحيم ؛ تثير مخاوفه ؛ سواء كان وحيدا أو في صحبة من أهله ؛ وكان يحيره هذا السؤال عن أهوال الجحيم : "كيف يعذب الله الإنسان في الأبدية وهو أرحم الراحمين ؟! " . فيما هو بين اليقظة والمنام ؛ فقد طرح السؤال علي نفسه ؛ وقد أخذه السبات قليلا ؛ وقد وجد ما يشبه الجواب لما طرح ؛ يملأ كل سباته ؛ ويتغلغل في عقله وفي قلبه في أحاسيسه : - " الإنسان هو من يختار أبديته ؛ بما صار فيها من عذاب أو لا عذاب .. فأنت الذي اخترت لنفسك ؛ لا الله ؛ الله لم يعذبك ؛ ولم يختار لك العذاب ؛ أنت الذي اخترت " . عندما استرد وعيه من سباته وجد مازال داخله بعض من السؤال الذي كان يشغله وقد وجد أيضا بعض الإجابة التي مرت به في سباته ؛ ثم طرح علي نفسه سؤالا جديدا : هل الله واحد أم وحيدا ؟! ؛ ولماذا خلق الله الإنسان ؟! . نام وغط في النوم وصحي بعد سنوات من سبات نومه وقد وجد نفسه قد قارب الستين من عمره ؛ ووجد "جدته" التي كانت تحاكيه الحواديت عن العفريت والجن ؛ قد أصبحت في سن "الست سنوات" ؛ نفس سنه الذي بدأت فيه حيرته ؛ عندما بدأت تغذيه كل مساء له معها بحواديتها عن العفاريت ؛ وجد "جدته" هي نفسها حفيدته وعلي نفس شكلها ونفس اسمها وهي تسأله نفس الأسئلة التي كان يسألها لجدته ؛ وتعجب : كيف مضي عمره الذي نساه ولم يعد يذكره وتسائل كيف مضي ما مضي ؟! وكيف لا يذكر العمر الذي مضي ؟! ؛ حتي أصبح غير صغيرا ؛ وأصبح علي سنه وشكله الحالي الكبير الذي ليس هو الذي يعرفه والذي هو علي شكل جدوده العواجيز ؟! عندما وجد نفسه عجوزا فجأة ؛ دون تاريخ في تدرج الكبر ؛ فأيقن عندما وجد نفسه علي ما أصبح ؛ أنه من عائلة ليست بشرية وأنها تشكلت علي هيئة البشر وأنها مؤكد سلالة من سلالات العفاريت ؟! .